التوظيف السيء للانتقال المذهبي
Hasan Abdullah - جدة - 05/05/2012م
السلام عليكم شيخنا الفاضل ورحمة الله وبركاته وأتمنى أن تكونوا بصحة طيبة وحال طيب

اسمي حسن وأنا سني من جدة ولدي سؤال محيرني وأرجو ألا يضيق صدركم به...
السؤال: ألاحظ أنه إذا تحول الشيعي إلى مذهب السنة يؤخذ إلى منابر
المساجد ليخطب في الناس عن (فضائح الروافض) ، وإذا تحول السني إلى مذهب
الشيعة يؤخذ إلى منابر الحسينيات ليخطب في الناس عن (فضائح النواصب)!
سيدي الكريم ... هل يوجد -برأيكم- في كل من المذهبين ما يندرج تحت بند
(فضائح)؟

هذا السؤال أتوجه به لسماحتكم كشيخ ومفكر شيعي ، وسوف أتوجه به أيضاً إلى
شيخ ومفكر سني ، وأتمنى من سماحتكم الدعاء لي وجزاكم الله خيراً.
الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكريم حسن  وفقك الله لكل خير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكرك على مبادرتك للتواصل وأقدر لك اهتمامك بالموضوع الذي اثرته في رسالتك وأرجو ان يكون لك دور في الحد من هذا الاسفاف والتهريج الذي يزيّف وعي الناس ويشغلهم عن قضاياهم الحقيقية.
وللإجابة على سؤالك يمكن ملاحظة النقاط التالية:
أولاً: حين يكون الانسان ضمن دين أو مذهب أو حزب أو أي انتماء فكري واجتماعي ثم ينتقل عنه إلى اتجاه آخر، فإنه يشعر بأنه مطالب بتقديم الأسباب والمبررات لتحوله وانتقاله عما كان عليه، وهنا يتجه إلى طرح ما يبدو له أنها نقاط ضعف وثغرات وأخطاء دفعته إلى موقفه الجديد.
ثانياً: بسب احتدام حالة الصراع المذهبي فإن كل طرف يبحث عن أوراق يستخدمها في معركته ضد المذهب الآخر، ويشكل المتحولون من مذهب إلى آخر، اداة مناسبة لتسجيل الانتصارات للمذهب وتوجيه الضربات الموجعة للمذهب الاخر.
ثالثاً: لا شك أن هناك اختلافات عقدية وفقهية بين المذاهب، ولكل مذهب منهجيته وأدلته في تقرير آرائه، وحين تريد محاكمة أي مذهب من خلال متبنيات المذهب الآخر، تستطيع اثبات  بطلانه وخطاءه. ومعارك الجدل المذهبي بين السنة والشيعة قديمة ولها تراث ضخم راكمته القرون والأجيال، ولو انشغلنا به فستمر علينا قرون أخرى دون الوصول إلى نتائج حاسمة.
رابعاً: الآراء المذهبية تمثل اجتهادات بشرية تحتمل الصواب والخطأ، وفي كل مذهب هناك آراء شاذة لا تمثل رأي جمهور المذهب، كما أن اتباع المذاهب بشر لهم أخطاؤهم وممارساتهم التي قد يشوب بعضها الانحراف والفساد، ولا يصح تحميل المذهب وكل اتباعه مسؤولية الأخطاء التي يرتكبها بعض المنتمين إلى المذهب. وأيضا فهناك نقولات غير دقيقة واتهامات متبادلة بين أتباع المذاهب.
وعلى ضوء هذه النقاط اسمح لي بعرض ما اؤمن به على هذا الصعيد:
1. وحدة الأمة أصل ثابت في الكتاب والسنة لا يصح تجاوزه والتفريط فيه لصالح الاختلاف والنزاع المذهبي.
2. بين السنة والشيعة وكل المذاهب الاسلامية امور متفق عليها وهي الأكثر يجب الانطلاق منها والتأكيد عليها، ولهم مصالح مشتركة عليهم أن يتحدوا ويتعاونوا من اجل خدمتها وتحقيقها.
وما يختلفون فيه يمكنهم الحوار العلمي حوله، في اطاره ووقته المناسب، ومع الالتزام بضوابط وآداب الحوار.
3. لا ضير ان يختار المسلم أي مذهب يقتنع به عن دليل و برهان، لكن الانشغال بالتبشير المذهبي، والسعي لتغيير الانتماءات المذهبية بين السنة والشيعة، أمر خطأ، وانشغال عما هو أهم، وإيقاظ للفتن والنزاعات.
أسأل الله تعالى أن يجمع شمل الأمة على الخير والصلاح، وأن يقيها الفتن والمزالق.
وأن يوفق الواعين المخلصين لبث روح الوحدة والسلم والوئام.
ولك مني خالص التحيات
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حسن الصفار