الشيخ الصفار مرحبًا بشعراء من المدينة المنورة
التواصل الأدبي حراك ثقافي لتبادل الخبرات والقدرات التي تطوّر الشعر والشعراء ليصلوا للعالمية

على ضوء زيارة رُتب لها مسبقًا، بين منتدى الكوثر الأدبي بالقطيف، ومنتدى طيبة الأدبي بالمدينة المنورة، حلّ ضيوف القطيف الشعراء من المدينة المنورة، ضيوفًا على الجلسة الاسبوعية لسماحة الشيخ حسن الصفار مساء يوم الجمعة ليلة السبت 4 ذو القعدة 1446هـ الموافق 2 مايو 2025م، والتي أفرد وقت الجلسة لأمسية شعرية رائعة تبارى فيها شعراء محافظة القطيف والمدينة المنورة بإلقاء ابداعاتهم من القصائد الشعرية، وافتتح جلستها رئيس منتدى الكوثر الأدبي في دورته الحالية الشاعر الأستاذ محمد المهنا بتقديم الشعراء، حيث كان الفارس الأول الشاعر المدني الجميل/ مازن جعفر وهو شاعر شاب مطبوع بالقصيدة التاريخية والتراثية في لغتها المعاصرة حيث لألقى الشاعر قصيدته الأولى بعنوان: للكامنِ في أريج الورد.. لعروة ابن الورد.
قال فيها:
متقسم الأجسام كابن الوردِ*** أغزو المفاوز بالندى والرعدِ
متقسم أحسو القراح فيرتوي *** بالمكرمات المحتمون بجلدي
عيناي قنديلان، قلبي شعلة *** ضلعاي أذكاها زمان البردِ
يحوي إنائي كل كفٍ قد أبى *** أن يحتويه المترفون بقيدِ
وبعد الانتهاء من قصائده التي نالت الاستحسان والتصفيق، كان دور الفارس الثاني الشاعر المتألق/ هادي رسول ألقى الشاعر في قصيدته الأولى: غيب المسافات
قال فيها:
ما الصدى الينأى على غيبِ المسافاتِ
وما صوتُ اعتلالِ الريح
ما رجعُ سرايا القدَرِ
ما هديلُ الوقتِ ينداحُ على سافيةِ المعنى وما الشِّعرُ السديميُّ وما العودُ يغنّي في مراثي الوَتَرِ
ما المنامُ الهاربُ الآن إلى حيثُ المُحالاتِ و ما رقدةُ أحلامي على ضفّة ماءِ الضّحَرِ
نزّني الليلُ على قارعةِ التيهِ
وقادتني يدُ السُّدفَةِ
كانَ الليلُ منفى غائرَ العَتمةِ
لا نافذةٌ تنسلُّ منها نُدَفُ الضوءِ
ولا طيفُ مرايا القَمَرِ.
وبعد الانتهاء من قصيدته المدهشة، كانت منصة الشعر قد سلمت للشاعر الكبير السيد هاشم الشخص أبي ياسر، رائد وعضو منتدى الكوثر الأدبي، وهو شاعر مطبوع بالقصيدة، في مدرستها النجفية الراقية، ولغتها العذبة، حيث ألقى السيد قصيدتين رائعتين، عن السيدة الزهراء بعنوان: ميلاد الأمل الجديد، وقصيدة ثانية بعنوان: تعبا على الشراح، جاء فيها:
زهراء ذكرك عاطر الأدواح *** بل بلغة الآمال للأرواح
خفقت لمولدك الشريف جوارحي *** وهفا لنورك خافقي وجناحي
زهراء يا دفق الشعور بخاطري *** لما سرى بأريجه الفواح
فالنهر خمر والعذوبة كوثر *** والكون خلد والزهور أقاحي
يا منة الرب الجليل وجوده *** يا أم أحمد نور كل فلاح
يهنى خديجة والحبيب بكوثر *** أهداه كف الواهب الفتاح
بعد ذلك قدم الشاعر المخضرم الأستاذ علي الجدعان، من منتدى طيبة الأدبي بالمدينة المنورة موجزًا عن الحركة الأدبية والشعرية بالمدينة المنورة، والتطور الذى واكب رؤية المملكة، من تطور الحراك الثقافي والأدبي، الذي ساهم في دفع عجلة الابداع والتأليف والمشاركات الشعرية والأدبية، والتي شملت أيضا جميع الأصعدة في الأدب والكتابة وعالم الصحافة بشكل عام، وكذلك السياحة الدينية عبر دورات مرشدين لها خصصت للشباب ومن ثم ألقى الشاعر الجدعان قصيدة تعبيرية ووجدانية بعنوان: الشاي حكايات ودخان، قال فيها:
الشَّايُ أوَّلُ ضِحْكَةٍ أَخَوِيْةْ *** وَلْهَى وَأطْوَلُ سَهْرَةٍ بَدَوِيةْ
الجَمْرُ وَالقَصَصُ الَّتِي نَشْتَارُهَا كَانَتْ حَيَاةً حُلْوَةً أَبَدِيةْ
والصَّاحِبَانِ السَّاهِرَانِ كَأنَّمَا *** صَبَّا لَنَا الأشْعَارَ فِي الأمْسِيَّةْ
مَاذَا وَرَاءَ الشَّاي إلَّا رِحْلَةٌ *** ظَلَّتْ تُرَدَّدُ فِي الصَّبَابَةِ حَيَّةْ
لِلسُّكْرِيةِ وَجْهُ شَيْخٍ عَابِسٍ *** لِلنَّارِ خَصْرُ مَلِيْحَةٍ عَرَبِيَةْ
مَا لَامَسَ الفِنْجَالُ صَمْتَ شِفَاهِنَا حَتَّى انْتَشَتْ تَرْنِيْمَةٌ صُوفِيَّةْ
نَرْتَابُ فِي الأَيَامِ حِيْنَ يَخُونُنَا نَعْنَاعُهَا المَوعُودُ كُلَّ عَشَيَّةْ
الأُلفَةُ (البَرَّادُ) شَيَّدَ مَحْفَلاً لِلأُنْسِ فِي أرْوَاحِنَا العُذْرِيَّةْ
مَا أَجْمَلَ الأَوقَاتِ سَاعَةَ لَمَّةٍ *** حَولَ (السَّمَاوَرَ) صُدْفَةً عَفْويَّةْ
مُتَنَاغِمُونَ مُحَلِّقُونَ كَأَنَّنَا *** فَوقَ المَجَرَّةِ ضِحْكَةً كَونِيَّةْ
نَتَوَسَّدُ الأَحْلَامَ نَحْضِنُهَا مَدًى والَّليْلُ يَمْنَحُنَا الجِهَاتِ هَدِيَّةْ
كُلُّ الحِكَايَاتِ القَدِيْمَةِ حَولَنَا دَارَتْ لِتَرْسِمَ لَوحَةً شِعْرِيَّةْ
ثم جاءت النوبة على الفارس الرابع من شعراء الكوثر الأدبي بالقطيف، وهو الشاعر الشفيف حبيب المعاتيق، حيث ألقى قصيدته الرائعة بعنوان: ما حدثته أعشاش اليمامات، والتي قال فيها:
حدثتني عنك أعشاش اليمامات
وساقت لي حديثا
في الهوى عنك
حديثاً لا أسميهِ كلاما
حدثتني موجة زرقاءُ
في الجزر وفي المدِّ
إذا راحت فقد راحت رغاماً
وإذا عادت فقد عادت غراما
لوحت لي السعفات الخضر في الخط
ولا أعرف في تلويحة النخل
سوى أرفع روحي
وأنا أقرأ للنخل السلاما
إنني الداخلُ من بوابة الحبِّ إلى تاروت
أسراب القطى حاشية الملك التي تمشي معي
واليمامات ندامى
وأنا المُشرعُ صدراً باتجاه النَبْلِ
يا قلبي حرامٌ حينما تدخلُ تاروت
بأن تمنعَ في الحب السهاما
وحرامٌ ماشِياً تأتي
وقد طيرك الوجدُ على ناصية القصر حماما
وحرامٌ مرةً أخرى
فقد أطلق هذا الوجدُ
طيرين على حمام تاروتَ
يعودان لعشاقٍ قدامى
الهوى يمشي معي الآن
على ذاكرة الأرض
وإحساسي تنامى
والذي نام على قارعة الذكرى طويلا
ما الذي يُقنعه الآن
بهذا الولَهِ الصاخبِ ما بين الحنايا
أن يناما
ثم امتد الوقت ليكون فارس اللقاء الخامس الشاعر المدني الأستاذ هاني زين والذي شنف أسماع الحضور بقصيدتين مجنحتين الأولى من عمود الشعر بعنوان: تسبيحةٌ لبحر غائب، وقصيدة عمودية في أبي الفضل العباس بعنوان: المشهد المنصوب على الماء، قال فيها:
المشهد المنصوب ماء ظامئ *** وجريدتان تزم دمعك عسجدا
كفاك تلتحف اليقين تريقه *** ليسيل في قلب الفرات مجددا
الماء (عطشائيلك) المرسول من *** قسمات عينك كي يشيد مرصدا
ومن الأعالي من أعالي قربة *** حضنت وجودَك فانسكبت مخلدا
في الشط إذ لثم التراب خطاك كي *** يسمو ويبعث من قواقعه هدى
تمشي فينسجم الفرات بنغمة *** ملأت مسافة آدميّته صدى
وبدا يطوف بلمعة العين التي *** نسجت حسينا في ملامحه ندى
من صفحة الماء انتشلت غمامة *** مرّت تقطّر كربلاءك مشهدا
كفّ وقد غرفت ظلال حسينها *** وهوت ليعشب من أصابعها مدى
في الدرب نحو مخيم علقت به *** شذرات عينك إذ تبسمل موعدا
إذ كنت تفتح (للمثلث) قطرة *** فيتيه في مسعى جهاتك مخمدا
السهم يقتحم انغماسك في السما *** ليراك آلفت الصعود مسددا
السهم تأويل لنهر آخر *** من جود وعيك للعوالم أنشدا
في الدرب تبتسم الدماء لأنها *** باحت بسرّ الله حين تجسدا
وفي ختام الجلسة تحدث سماحة الشيخ حسن الصفار عن أهمية دور الشعراء في التلاقي، واستثمار المرحلة في توطيد جسور التواصل والانفتاح على الملتقيات الشعرية بين الأصدقاء في المشهد الشعري بجميع مناطق ومحافظات الوطن، على أن يكون هذا الانفتاح يبحث عن المشتركات الجامعة، في الشعر والأدب، والتي تقوي من جهتها المكانة، كل بحسب توجهه وابداعاته وتنوعه، كما حث الشعراء على الحضور العربي والعالمي، وفق هذا الانفتاح المبارك للثقافة في بلدنا، والذي مدعاة للريادة، وكما هي القطيف الثقافية والأدبية، هناك الأحساء الثقافية والأدبية، وقال: بحسب ما سمعت في هذه الليلة من قصائد رفيعة، نطمئن بأن المدينة المنورة تسير في ذات الخطى، نحو التميز الشعري والأدبي والثقافي.