الشراكة الوطنية.. تعايش أم تصادم!
نحن لا نمتلك حلولاً سحرية لمشكلاتنا وتحدياتنا التي تعصف بواقعنا، فهي متداخلة ومركبة ومعقدة في آن واحد ومن الطبيعي أن لا يوجد من لديه القدرة على معالجتها دفعة واحدة، بل هي بحاجة إلى خطة ومشروع متكاملين. وهذا ليس هروباً من الحل؛ بل هو إدراك واقعي للحال حتى نستخدم له الوسائل المناسبة والموضوعية والمنطقية. و(مشروع الشراكة الوطنية)
لا يختلف عن هذا النطاق والسياق، فهو الإمكانية الوحيدة التي تمكننا من ضبط اختلافاتنا وتبايناتنا الداخلية.
إن استمرار تفجير الاختلافات والصراعات يهدد النسيج الاجتماعي ويدخل الوطن في حروب وفتن تحرق الجميع، ولا يمكن بأي حال ضبط هذه التباينات إلاّ بسيادة مفهوم (الشراكة الوطنية) المبني على ثقافة التسامح وضروريات العيش المشترك؛ وهي العدالة والاحترام المتبادل وصيانة حقوق الإنسان، وبهذا نتمكن من محاصرة وإزالة الاحتقان الذي يغذي مظاهر التوتر والعنف في المجتمع.
علمتنا التجارب أن التهجير والتصفية الطائفية والقومية تعمق التناقضات وتهدم جسور التواصل والثقة ولا توصل إلى الأمن والاستقرار، لذا فإننا أحوج ما نكون في هذه الحقبة التاريخية إلى نبذ ثقافة التطرف بكل اتجاهاتها وتعميق ثقافة (الشراكة الوطنية) المبنية على التعايش والتقبُّل والتسامح واحترام الآخر مهما كان الآخر، وبلا مبالغة فهذه الثقافة هي أمضى الأسلحة وأقواها للحفاظ على الأمن والاستقرار والعمل المشترك على النهضة والتنمية الوطنية. تلك الأفكار هي ما تدور عليه أطروحات الأستاذ محمد محفوظ في إصداراته ولقاءاته وهو من مثقفي محافظة القطيف.
كذلك الشيخ حسن الصفار يؤكد باستمرار أهمية (الشراكة الوطنية) بين أبناء الوطن الواحد وتكرر مراراً دعوته لمبادرات لتعزيز الوحدة الوطنية، ويولي مسألة الوحدة اهتماما كبيرا في خطابه، ويعد الشيخ من دعاة تعزيز الوحدة الوطنية على قاعدة الولاء لمطلقات الإسلام وقواعده العامة، مناديا بتجاوز الاختلافات الجزئية، ويعي جيدا مدى أضرار النزاعات والخلافات على أمن الوطن ومصلحة المواطنين، لذلك فإنه ينطلق في العمل على هذا الصعيد من تركيز جهده على محورين أساسين، الأول: تأكيد ثقافة الوحدة وضرورتها وتأصيل أخلاقياتها. الثاني: التواصل الاجتماعي بالمبادرة إلى زيارة العلماء وذوي الرأي والتأثير.
وبمثل تلك النظرة يتحدث الشيخ عبدالله اليوسف عن الانفتاح على الفكر الآخر والتسامح تجاه الأفكار الأخرى وهو الذي سيقضي على حالات التشنج والانفعال ويقلل من وجود أرضية لنمو فكر الإرهاب والكراهية والحقد في المجتمع.
تلك عدد من الرؤى والأطروحات حول مفهوم (الشراكة الوطنية) من منظور علماء ومثقفي الشيعة في المملكة والتي لا تختلف بحال من الأحوال مع ما يراه علماء ومثقفي السنة الذين يتشاركون مع بعضهم الدين الواحد والوطن الواحد.
رابط الموضوع الأصل: http://www.makkahnewspaper.com/makkahNews/2014-02-17-09-03-10/37932#.U0-UuNLw-hG