رعاية الأيتام

تحدث القرآن الكريم في آيات عديدة مؤكداً على حماية اموال اليتيم وحفظها وعدم التفريط فيها، وبأن الولاية على اموال اليتيم بعد الاب والجد، تكون للوصي المكلف بذلك من قبل احدهما، فإن لم يكن هناك وصي، فالولاية للحاكم الشرعي، وفي المذهب الحنفي فالولاية على اموال الصغير تكون للاب، ثم وصيه بعد موته، ثم وصي وصيه، ثم جده (ابو ابيه)، ثم وصي جده، ثم وصي وصيه، ثم الوالي، ثم القاضي او وصي القاضي.

وعند المالكية والحنابلة: الولاية بعد الاب لوصيه، ثم للحاكم، ولا تثبت الولاية المالية للجد والاخ العم الا بايصاء الاب. وقال الشافعية: ان الولاية بعد الاب للجد، ثم وصي من تأخر موته من الاب أو الجد، ثم القاضي أو نائبه. ولا ولاية لسائر العصبات كالأخ والعم، كما لا ولاية للام (الدكتور وهبة الزحيلي، الفقه الاسلامي وادلته ج5 ص426-427).

ولكون اليتيم صغيراً ضعيفاً فإن ذلك قد يغري بعض المتولين على امواله من ضعاف النفوس والايمان باساءة التصرف فيها، لذلك يوجه القرآن الكريم الخطاب الى هؤلاء الاولياء، محذراً لهم من هذا التعدي الخطير.

يقول تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأكُلُونَ أَموَالَ اليَتَامَى ظُلمًا إِنَّمَا يَأكُلُونَ فِي بُطُونِهِم نَارًا وَسَيَصلَونَ سَعِيرًا

وفي آية اخرى يقول تعالى: ﴿ وَلاَ تَقرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ حَتَّى يَبلُغَ أَشُدَّهُ.

ويقول تعالى: ﴿ وَآتُوا اليَتَامَى أَموَالَهُم وَلاَ تَتَبَدَّلُوا الخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأكُلُوا أَموَالَهُم إِلَى أَموَالِكُم إِنَّهُ كَانَ حُوبًاكَبِيرًا.

ومن المناسب ان نشير هنا الى أن المسؤولين والعاملين في لجان كافل اليتيم، مخاطبون بهذه الآيات الكريمة ومطالبون بالحفاظ على ما يردهم من اموال مخصصة للايتام، وان يهتموا بالدقة والاحتياط في صرفها لما فيه خير الايتام ومصلحتهم.

لجان كافل اليتيم:


يمكن لكل فرد أن يقوم بواجبه تجاه يتيم واحد أو تجاه بعض الأيتام ويثاب على عمله. ولكن تشكيل المؤسسات، وتنظيم اللجان والهيئات، التي تعمل على تلبية حاجات الأيتام، وتوفير الخدمات المناسبة لهم، تساعد على ضم الجهود إلى بعضها، مما يؤدي إلى زيادة كفاءة العمل، وتحقيق الأهداف بشكل أفضل. ولهذا العمل قيمة معنوية كبيرة في حل مشاكل الأيتام.

إن وجود لجنة تهتم بالأيتام، يعني وجود جهة توجه الأفراد والتجمعات نحو هذه الفئة، وتحث مختلف الشرائح على دعمها. وقد رأينا أن لجان كافل اليتيم في بلادنا استطاعت أن تطور وتنوع الخدمات التي تقدم للأيتام. فمعظم هذه اللجان تقدم مساعدات مالية شهرية، وأخرى طارئة، فضلاً عن الإعانات الصيفية والشتوية. وتقوم بصيانة المساكن وغير ذلك.

كما أن وجود لجنة لكفالة الأيتام هو طمأنة للأيتام. فهم يشعرون بأن ثمة جهة ومؤسسة ترعاهم، وتتابع شؤونهم، وهذا في حد ذاته مواساة معنوية كبيرة.

بالطبع فإن الجهود تتطور وتتكامل إذا انضمت إلى بعضها. ووجود لجنة يعني ضم كافة الطاقات والكفاءات التي يمكن أن تسهم في إنجاح هذا المشروع، مما يعني إدخال عنصر التخطيط والمشورة وهذا إرساء لأسلوب مهم في العمل.

تقدير وتذكير:


في الوقت الذي نعرب فيه عن تقديرنا للدور الكبير الذي تقوم به لجان كافل اليتيم، حيث ملأت فراغاً هاماً، وتحملت عن المجتمع مسؤولية عظيمة، فإننا نذكّر هذه اللجان بضرورة مضاعفة الجهد، وتطوير النشاط، خاصة فيما يرتبط برفع كفاءة الأيتام، وتقدمهم على صعيد التعليم وبناء القدرات والمهارات، بمتابعة مسيرتهم الدراسية، وتشجيعهم على التميز والتفوق، ومساعدتهم في تحصيل فرص الدراسات الجامعية والعليا.

ومن ناحية أخرى الاهتمام بإحاطتهم بأجواء الرعاية التربوية، والتوجيه السلوكي، بوضع خطط وبرامج للتوعية والإرشاد، وملاحظة ما قد يطرأ على حياتهم وسلوكهم من نواقص وثغرات، من أجل المعالجة والإصلاح.

ونأمل أن يتفاعل المجتمع أكثر مع هذه اللجان (كافل اليتيم) بدعمها مالياً، وبرفدها بالعناصر المخلصة الكفؤة، والاقتراحات المفيدة البناءة، لتقوم بواجبها على خير وجه.
وكان الله في عون كل يتيم حتى يتجاوز محنة يتمه بسلامة ونجاح، ووفق الله المؤمنين لتحمل مسؤولياتهم تجاه الأيتام في مجتمعهم، وأمدّ الاخوة الأعزاء العاملين في لجان كافل اليتيم بالمزيد من توفيقه ورضاه.

الاربعاء 11 جمادى الآخرة 1425هـ الموافق 28 يوليو 2004م، العدد 11366