الشيخ الصفار: الانغلاق الفكري أسوأ ظلم يمارسه الإنسان تجاه نفسه

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

حذّر سماحة الشيخ حسن الصفار من الانغلاق الفكري، واصفًا إياه بأنه أسوأ ظلم يمارسه الإنسان تجاه نفسه.

ولفت إلى أن أسوأ داء يصيب الإنسان في الجانب الفكري والمعرفي؛ هو الجمود والانغلاق، بأن يتوقف عند مستوى معين، بينما تتجدد المعارف، وتتطور العلوم، أو ينغلق على ما لديه من رأي، ولا يبحث عن الرأي الآخر، ولا ينفتح عليه، ويرفضه مسبقًا دون أي بحث أو تأمل.

جاء ذلك في خطبة الجمعة 2 جمادى الآخرة 1445هـ الموافق 15 ديسمبر 2023م بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: الانغلاق الفكري.

وأوضح سماحته أن الانغلاق الفكري يعني مبالغة الإنسان في الثقة بأفكاره وآرائه، بحيث يرفض مناقشتها ومراجعتها، ويأبى الانفتاح والاطلاع على غيرها.

وتابع: قد تكون أفكاره نتيجة قناعات ذاتية، أو اقتبسها من غيره، أو اكتسبها من بيئته الاجتماعية.

وأضاف: إن أي فكرة عند الإنسان تحتمل الصواب والخطأ، لمحدودية علم الإنسان واحاطته. وقد تكون صائبة وصالحة في وقت، ثم يتجاوزها الزمن، بتطور الحياة وتقدم العلم.

وقال: حتى الأفكار التي تحملها النصوص الدينية، فإنه يدخل في فهمها الاجتهاد البشري، وهنا يحتمل في ذلك الفهم الصواب والخطأ، وقد يتغير ويتطور باختلاف الأزمنة والظروف.

واستدرك: لذلك اختلف العلماء والمفسرون في معاني آيات القرآن الكريم، كما اختلفوا في قبول الأحاديث عن النبي والأئمة ، وفي تشخيص مراداتها وتطبيقاتها.

وتابع: من هنا جاءت شرعية الاجتهاد، والقول بمعذورية المجتهد عند الخطأ.

وأضاف: إن كل ذلك يعني ضرورة الانفتاح الفكري لتجاوز الخطأ والاقتراب من الصواب.

وبيّن أن المعارف التي يتلقاها الإنسان من أسلافه أو بيئته قد تصبح سقفًا لفكره، فلا يرى أن هناك شيئًا أصح وأصوب منها. كما يتحدث القرآن الكريم عن أقوام الأنبياء الذين كانوا يرفضون الرسالة الإلهية، اكتفاءً بما ورثوه من آبائهم.

ومضى يقول: هناك جهات تربي أتباعها على الانغلاق، وتحذّرهم من الانفتاح على أي رأي آخر، أو العلاقة مع أي جهة خارجها، وهذا نوع من التبعية العمياء، الذي يشلّ فكر الاتباع ويجمد عقولهم، ويمنعهم من الوصول إلى الهداية والصواب، عبر الدليل والبرهان.

وتابع: بينما النصوص الدينية تؤكد أن الحق أحق أن يتبع، وأن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى بها.

وأضاف: والبعض حينما تواجهه مشكلة أو تحدٍ يتصلب في موقفه فلا يدرس الخيارات المختلفة، ولا يكون مستعدًا للتنازل والمرونة، مما يعرضه للفشل في حلّ المشكلة وتجاوزها.

وأشار إلى أنّ أكثر الناس يعيشون كسلًا فكريًا، فلا يهتمون باكتساب المعرفة، ولا يصرفون جهدًا في إعمال فكرهم وقدراتهم الذهنية.

وتابع: والبعض قد يكتفي بتحصيل قدر من المعرفة، ويتصور في ذلك غنى له، وأنه بلغ الغاية، وهو نوع من الغرور والجهل. مستشهدًا بما ورد عن الإمام علي : «مَنِ اِدَّعَى مِنَ اَلْعِلْمِ غَايَتَهُ فَقَدْ أَظْهَرَ مِنْ اَلْجَهْلِ نِهَايَتَهُ».