في جامعة صدرا الإسلامية بإندونيسيا

الشيخ الصفار يحذّر من النزاعات التي تهدر الطاقات وتسبب الخسائر

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

قال سماحة الشيخ حسن الصفار إن النزاعات والصراعات تهدر الطاقات، وتسبب كثيرًا من الخسائر والضحايا.

وتابع: لا يصح أن يدخل الإنسان معركة ونزاعًا مع كل من يختلف معه، وإلا ستتحول حياة المجتمع البشري إلى معارك وصراعات.

جاء ذلك ضمن الكلمة التي ألقاها سماحته في جامعة صدرا الإسلامية في جاكرتا بإندونيسيا يوم الجمعة ٢٨ ربيع الأول ١٤٤٥هـ الموافق ١٣ أكتوبر ٢٠٢٣م، وقام بترجمتها الى اللغة الاندونيسية الأستاذ في جامعة صدرا الإسلامية الدكتور الشيخ عبدالله عبد القادر بيك.كلية الملا صدرا للدراسات العليا

وأوضح سماحته أن النبي وجّه الناس، وأعطاهم ثقافة تؤسس للتعامل مع المختلف، والقبول بوجوده، حيث أكدت آيات القران الكريم، والأحاديث الشريفة، أن اختلاف بني البشر طبيعة لا يمكن تجاوزها.

واستشهد بقوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ‎﴿١١٨﴾‏ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ.

وأبان أن الله تعالى منح الإنسان عقلاً، ومن طبيعة العقل التفكير، وحينما يستخدم الإنسان عقله ويفكر، فقد لا يصل إلى نفس النتيجة التي يصل إليها الإنسان الآخر من خلال تفكيره.

وتابع: إذا أردت الناس في مجتمع أن لا يختلفوا في آرائهم، فعليك أن تسحب منهم عقولهم، أو أن تمنعهم من استخدام عقولهم، فما دامت للناس عقول، وما داموا يستخدمون عقولهم، فإن الاختلاف نتيجة طبيعية.

ومضى يقول: للإنسان ميول ونزعات نفسية، حيث أودع الله سبحانه وتعالى في نفسه غرائز ورغبات، تخلق له اهتمامات مصلحية.

وتابع: حين تتضارب المصالح بين الناس، كل واحد يحاول أن يكسب أكبر قدر من المصلحة، فهذا سبب نفسي للاختلاف، إلى جانب السبب العقلي والفكري للاختلاف.

وبمناسبة ذكرى ميلاد النبي تسائل سماحته: كيف كان رسول الله يتعامل مع الآخرين المختلفين معه في انتماءاتهم وأديانهم وآرائهم وتوجّهاتهم؟

وقال: إن القرآن الكريم أقرّ بوجود أتباع كل الديانات، يقول تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.

وتابع: ولقد أقرّ رسول الله وجود الديانات الأخرى، وكان شعاره أمام الجميع، حتى مع الكفار المشركين، ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ، ولم يفرض دينه على الآخرين.

وأضاف: كما أنّه ربّى أمته أن يقبلوا الاختلاف فيما بينهم في فهم الدين، فأنت تفهم من الآية أو من الحديث معنى، والمسلم الآخر يفهم معنى يختلف عما تفهمه، هو يعمل بتكليفه، وأنت تعمل بتكليفك.

واستشهد الشيخ الصفار بإقرار رسول الله لمن اختلفوا في إداء صلاة العصر من أصحابه في مسيرهم إلى بني قريظة، نتيجة اختلافهم في قهم قصده من قوله: (لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ).

وأوضح: نحن لا نعيش وحدنا في صحراء، ولا في غابة، نعيش مع مجتمع بشري واسع.

وتابع: أصبح العالم في هذا العصر قرية واحدة، لذلك نحن نعيش مع من يختلفون معنا في أديانهم وأعراقهم وقومياتهم وتوجّهاتهم، وفي داخل مجتمعنا أيضًا نختلف في الآراء والتوجهات، فكيف يتعامل الإنسان مع المختلفين معه.

وأضاف: قد لا تستطيع أن تبتعد عن المختلف معك، لأن طبيعة الحياة تفرض تداخل المصالح، وكما ورد عن الإمام الباقر حفيد النبي أنّه قال: صَلاحُ شَأنِ النّاسِ التَّعايُشُ).

ودعا لقراءة سيرة رسول الله ، ومن خلالها اكتشاف مبادئ إدارة الحياة في جميع جوانبها، حتى نستفيد من هذه المبادئ، بما يتناسب مع عصورنا وأوضاع مجتمعاتنا.كلية الملا صدرا للدراسات العليا

وتابع: البعض قد يتصور أن التأسي برسول الله ينحصر في الأخلاق الشخصية، في عبادته وزهده وتواضعه، ولا شك أن هذا مجال مهم، للتأسي برسول الله، لكن التأسي مفهومه أوسع، يشمل طريقة إدارته للحياة وللمجتمع، وتعامله مع العالم.

وأضاف: نحن كأمة مسلمة في هذا العصر، نحتاج إلى اكتشاف هذه المبادئ من سيرة رسول الله حتى نعرف كيف ندير شؤون حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكيف نتعامل مع العالم من حولنا، على ضوء سيرة رسول الله .

وختم سماحته بالإشادة بالجامعة وأنه يغبط الأساتذة والطلاب والطالبات بأنهم ضمن هذا الصرح العلمي.

وقال: من خلال ما أطلعت عليه من مناهج وسير الدراسة والعمل في هذه الجامعة، أنتم تغبطون بوجودكم في هذا المكان المبارك، الذي تمتلك إدارته سعة في الأفق، واهتمامًا برفع مستويات طلابها.

وتابع: أرجو لكم التوفيق وأن تكونوا قادة للعلم والمعرفة في بلدكم، وعلى مستوى العالم، بتقدمكم العلمي، ونجاحكم الدراسي.

هذا وقد افتتح البرنامج في الساعة 13.30 بتوقيت غرب إندونيسيا بتلاوة آيات من الذكر الحكيم للقارئ اوسيب إيراوان، وأعقبه أداء فرقة النشيد الوطني لدولة إندونيسيا.

وقد أعرب الدكتور هاشم العدناني بصفته النائب الثالث لشؤون الطلاب عن شكره لجميع الحضور، وخاصة الأشخاص ذوي الخبرة والضيوف المدعوين الذين خصصوا وقتهم لحضور هذا الحدث النبيل والمبارك.

ثم بدأ المترجم الدكتور عبدالله عبد القادر بيك بقراءة نبذة من السيرة الذاتية للشيخ المحاضر خصوصا ما يتعلق بالدراسة ونشاطاته العلمية والثقافية بما فيها عدد ساعات محاضراته وخطبه وما كتبه من الكتب.

وبعد القاء الشيخ الصفار للمحاضرة قامت فرقة النشيد لطلبة الجامعة بأداء أناشيد إسلامية مشتملة على الصلاة والسلام على النبي واهل بيته، كما تشتمل على بعض المناجاة والابتهال الى الله سبحانه.

وحضر البرنامج رؤساء ومسؤولون في الجامعة منهم: الدكتور حسين متقي مدير الممثلية لجامعة المصطفى العالمية في جاكرتا، والدكتور خالد الوليد رئيس جامعة صدرا الإسلامية، والدكتور عبد العزيز العباسي رئيس صدرا الدولية للتحقيق والنشر، والعلامة السيد فارس الحسيني مدير مؤسسة آل البيت وممثل المرجع السيد السيستاني في جاكرتا، والشيخ عادل البن سعد.

كلية الملا صدرا للدراسات العلياكلية الملا صدرا للدراسات العلياكلية الملا صدرا للدراسات العلياكلية الملا صدرا للدراسات العلياكلية الملا صدرا للدراسات العلياكلية الملا صدرا للدراسات العلياكلية الملا صدرا للدراسات العليا