التقصير تجاه العائلة إثم أكبر

 

ورد عن الإمام جعفر الصادق : «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْماً أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُهُ»[1] .

يتحمّل الإنسان مسؤولية رعاية شؤون عائلته، وتوفير احتياجاتهم ومتطلبات حياتهم. فإذا ما قصّر في ذلك فإنه محاسب من قبل الله تعالى، ويناله أعظم إثم.

ولا يحتاج إلى إثم آخر، فهو في أعلى درجات الإثم، كما هو مفاد الحديث المروي عن الإمام جعفر الصادق : «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْماً أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُهُ»[2] .

وفي حديث عن رسول الله : «مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ يَعُولُ»[3] .

و«ضَيَّعَ مَنْ يَعُولُ»، يعني: أهملهم وتركهم لا يعرفون الطريق لتلبية احتياجاتهم. فيكون بذلك مستحقًا للّعن وهو البعد عن رحمة الله ورضاه.

الرعاية العاطفية

إنّ العائلة تحتاج إلى الرعاية العاطفية من معيلها، بأن يفيض على أفرادها من زوجة وأولاد الحب والحنان والاحترام والتشجيع، فإذا لم يشبع هذا الجانب في أفراد عائلته، فقد ضيّعهم، وقد يبحثون عمّا يفتقدون من حنان خارج الأسرة، مما يوقعهم في شباك السيئين.

ومظاهر الإشباع العاطفي تختلف من عصر لآخر ومن مجتمع لآخر.

كما تحتاج العائلة لرعاية التوجيه والإرشاد، وتقديم التجارب النافعة في ممارسة الحياة، ومواجهة مشاكلها، وهذا يستلزم الانفتاح على أفراد العائلة، والحوار والمناقشة معهم في قضايا حياتهم.

وهناك توفير الاحتياجات المادية ومتطلبات الحياة، وعلى الإنسان أن يكدّ ويكدح لتوفير حاجاتهم والتوسعة عليهم.

ورد عن الإمام جعفر الصادق : «الْكَادُّ عَلَى عِيَالِهِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»[4] .

مضاعفة الاهتمام في العطلة الصيفية

إنّ العطلة الصيفية تعتبر وقتًا حسّاسًا لأفراد العائلة خاصة الأبناء والبنات؛ لوجود وقت الفراغ، وهذا ما يحمّل ربّ الأسرة التفكير الجادّ لإدارة هذه الفترة، بقضاء وقت أطول مع عياله، وبتوفير برامج مناسبة لهم، وبحمايتهم من أخطار الصيف حيث تفيد بعض الدراسات الاجتماعية، أنّ نسبة كبيرة من توجهات الانحراف تحصل عند الناشئة في العطلة الصيفية.

أذى العائلة أفحش الظلم

والأسوأ من التقصير في حقوقهم العائلية ممارسة الإيذاء لأحدٍ من أفرادها من قبل المعيل، والتقصير مظهر من مظاهر الإيذاء.

إنّ أذى الإنسان لأحدٍ من عائلته هو من مصاديق أفحش الظلم.

ورد عن الإمام علي : «ظُلمُ الضَّعيفِ أفحَشُ الظُّلمِ»[5] .

وعَنْ الإمام الباقر قَالَ: «لَمَّا حَضَرَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ الْوَفَاةُ ضَمَّنِي إِلَى صَدْرِهِ ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ، أُوصِيكَ بِمَا أَوْصَانِي بِهِ أَبِي حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ وَبِمَا ذَكَرَ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَاهُ بِهِ قَالَ: يَا بُنَيَّ، إِيَّاكَ وَظُلْمَ مَنْ لَا يَجِدُ عَلَيْكَ نَاصِرًا إِلَّا اللَّهَ»[6] .

هناك تطور قانوني جيّد في بلادنا يتمثل في صدور قانون الحماية من الإيذاء، لكنّه قد لا تصل حالة الإيذاء إلى الجهات المعنية بتطبيق القانون.

إنّ صدور الأذى من راعي العائلة والقيّم عليها له آثار نفسية شديدة على الضحايا يرصدها التربويون والباحثون النفسيون، حيث يصاب الضحية بحالة من الإحباط والاكتئاب، قد يدفعه لتنمية حالة الانتقام في ذاته من محيطه الأسري والاجتماعي. وقد يحدث له عقدًا نفسية دائمة.

علينا أن نستحضر الحديث النبوي الشريف: «كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والأمِيرُ راعٍ، والرَّجُلُ راعٍ علَى أهْلِ بَيْتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ علَى بَيْتِ زَوْجِها ووَلَدِهِ»[7] .

 

خطبة الجمعة 23 ذو الحجة 1443هـ الموافق 22 يوليو 2022م.

[1]  الكافي، ج4، ص12، ح8.
[2]  الكافي، ج4، ص12، ح8.
[3]  الكافي، ج4، ص12، ح9.
[4]  الكافي، ج5، ص88، ح1.
[5]  نهج البلاغة، الكتاب ۳۱.
[6]  الكافي، ج2، ص331، ح5.
[7]  صحيح البخاري، ج3، ص398، ح5200.