تقديم لكتاب «من خطباء المنبر الحسيني بمدينة سيهات»

الكتاب: من خطباء المنبر الحسيني بمدينة سيهات
المؤلف: عبدالفتاح العيد
الطبعة: الأولى 1434هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين.

يتبوأ المنبر الحسيني مكانة عالية من الاهتمام  والتأثير في المجتمع الشيعي لا يدانيها أي اهتمام أو تأثير آخر. حيث يحتشد الجمهور الشيعي بكل شرائحه وطبقاته حول المنبر وخاصة في مناسبة عاشوراء.

ولا يكاد يخلو يوم من أيام أي مجتمع شيعي من صوت للمنبر الحسيني، فهناك مجالس تنعقد يومياً في الصباح أو المساء، وهناك مجالس أسبوعية، وهناك مجالس عرضية، إضافة إلى مجالس المناسبات في ذكريات وفيات أهل البيت، ومجالس تقبل العزاء لأي متوفى من أبناء المجتمع، والتي يطلق عليها  في مجتمعنا المحلي (الفاتحة)، حيث ينعقد فيها المجلس الحسيني ثلاثة أيام صباحاً وعصراً، أو عصراً وليلاً، أو في الأوقات الثلاثة.

وتموّل بعض هذه المجالس الحسينية من وارد أوقاف كثيرة مخصصة للصرف عليها، حيث تشكل الأوقاف الحسينية ما يقارب 70% من مجمل الأوقاف في المجتمعات الشيعية.

وقسم من المجالس تمولها التبرعات والنذورات من أبناء المجتمع، وهي كثيرة جداً، فإقبال الناس على العطاء لما يرتبط بإحياء القضية الحسينية لا يوازيه أي إقبال على التبرع والعطاء في المجتمع الشيعي.

ورغم وجود قاعات مخصصة لإقامة المجالس الحسينية في كل حيّ شيعي يطلق عليها (حسينيات) إلا أن المجالس تعقد في مختلف الأمكنة، كالمساجد والبيوت والمزارع، وبعض الساحات العامة.

هذا الاهتمام المميز، والحضور الدائم للمنبر الحسيني في المجتمعات الشيعية، يقتضي وجود شريحة من الخطباء المتخصصين في ارتقاء هذا المنبر، وإحياء المجالس الحسينية.

إن المؤهل الأساس لخطيب المنبر الحسيني هو حفظه لوقائع مأساة كربلاء نثراً وشعراً، وقدرته على تلاوتها بصوت يستثير مشاعر الحزن والأسى في نفوس السامعين.

ومع تطور الوعي الاجتماعي صار مطلوباً من الخطيب طرح المعارف الدينية، وعرض سيرة النبي وأهل بيته الطاهرين، وبث الفكر والثقافة المفيدة للمجتمع. حيث يتفاوت الخطباء في مستوياتهم المعرفية، وقدراتهم الخطابية.

من هنا أصبح لخطيب المنبر الحسيني تأثير بالغ في المجتمع الشيعي، وتشكيل شخصيته الدينية والثقافية.

ومدينة سيهات وهي تحتضن مجتمعاً شيعياً عريقاً في تاريخه وولائه لأهل البيت، من الطبيعي أن يشكل المنبر الحسيني معلماً بارزاً في تاريخها وحاضرها الاجتماعي.

وقد أنجبت هذه المدينة الطيبة أجيالاً من الخطباء الحسينيين الذين كانوا يصدحون بولاء العترة الطاهرة، ويربّون المجتمع على هدي سيرة النبي وآلهA، ويعززون الانتماء لهم بالعاطفة الصادقة، والالتزام الديني القويم.

هؤلاء الخطباء الذين نذروا أنفسهم للقيام بهذه المهمة الدينية الولائية، وبذلوا وقتهم وجهدهم لخدمة المجتمع والتفاعل مع أفراحه وأتراحه، يستحقون أن تخلّد ذكراهم، وأن يسجّل تاريخهم في خدمة المنبر الحسيني، وفاءّ وتقديراً لدورهم،  وتوثيقاً لجانب من تاريخ المجتمع، بما يمثلون فيه من مكانة وتأثير.

وفي هذا السياق تأتي هذه المبادرة الجميلة من مؤسسة الرسول الأعظم الثقافية بسيهات، حيث انبرى أحد أعضائها وهو الأخ العزيز الأستاذ عبدالفتاح العيد للبحث في تراجم وسيرة خطباء المنبر الحسيني من مدينة سيهات، وبذل جهداً كبيراً وفق إمكاناته وطاقته، لتجميع المعلومات عن حياتهم، وخاصة فيما يرتبط بتراجم الخطباء الماضين، من خلال استنطاق بعض أقربائهم ومعاصريهم، حيث لا تتوفر كتابات سابقة عن أكثرهم، جزى الله الأخ المؤلف خير الجزاء، على ما بذله من جهد في إعداد ها الكتاب الجميل، وزاد الله في توفيق ونشاط مؤسسة الرسول الأعظمA التي أخذت موقعيتها بجدارة في ساحة العمل الثقافي والاجتماعي.

ورحم الله خطباءنا الماضين، وحشرهم مع سادتهم الميامين، وحفظ الله خطباءنا المعاصرين، ووفقهم لأداء واجب هذه الخدمة المقدسة بأرفع درجات الإخلاص والاجتهاد.

والحمد لله رب العالمين.

حسن موسى الصفار
22 ربيع الأول 1433هـ
14 فبراير 2012م