حوار مع الشيخ الصفار على قناة عين في برنامج (حوار من الداخل)

مكتب الشيخ حسن الصفار

مقدم البرنامج الاستاذ كمال عبدالقادر: اعزائي المشاهدين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..


ها نحن اليوم في السابع من شهر شوال، وقد مضى علينا رمضاننا، وانتهى عيدنا، ولكن ما زلت أقول لكم أننا إن شاء الله في قلوبنا العيد دائم وعامر، بحبي إليكم، وحبكم إن شاء الله إلى هذا البرنامج، الذي أتمنى من الله أن يكون لبنة إيجابية في هذا الجدار الكبير، وهذا الكيان الكبير، المُسمى "المملكة العربية السعودية"، الذي نبذل الغالي والرخيص في سبيل استمرارية هذا الوطن، واستمرارية هذا الصرح الكبير، أن يكون لبنة ليس فقط كياناً واضحاً، إنما أيضاً كياناً قوياً في مسار الأمم التي نتمنى إن شاء الله أن نكون بين صفوفها..كمال عبدالقادر مذيع قناة عين

مشاهدينا الكرام..لاشك أنا بدأت حديثي عن هذا الوطن العظيم، هذا الوطن الذي تحمل الكثير من أبنائه ـ من بعض أبنائه ـ الذين ضلوا فكراً، وضلوا سلوكاً، وأساءوا إلى هذا الوطن، وأنا أكرر في كل حلقة إن شئتم، وأرجو أن لا تملوا وإن مللتم سوف استمر أيضاً في هذا التكرار، تلك الفئة الضالة التي تخرب وطننا، لابد أن نحاربها بكل أدواتنا، لابد أن نجتث هذا الفكر الضال المحرض، إلى هذا السلوك المخرب لهذا الوطن، لأننا لو لم نجيّش أنفسنا بهذا الطرح، سيستمر أولئك الفسدة المارقين، في تدمير وطننا وفي تدمير ابني وابنكم والوطن كله والعياذ بالله، لذلك أعزائنا المشاهدين من هذا المنطلق، كأني استشف وأطرح لكم عنوان حلقتنا:

الوحدة الوطنية وتعدد المذاهب

المملكة العربية السعودية تعتبر دولة قارية فيها الكثير، مترامية الأطراف، فيها تعددية فكرية، فيها تعددية مذهبية، التعدديات هذه لا نريدها أن تكون صورة من صور الخلخلة والضعف، بقدر ما نريدها أن تكون صورة من صور القوة والطرح والدفع لهذا الوطن إلى الأمام، لكن كأنما حينما نستقرأ الإعلام الغربي وحينما نستقرأ بعض من يفكر في داخل المملكة العربية السعودية، نستشعر أن هذه التعددية كأنما هي فتنة أو بوادر فتنة، إذا استمر فتيلها في الاشتعال قد يؤدي إلى فتات وهلاك هذا الوطن العظيم.

عنوان الحلقة:

الوحدة الوطنية وتعدد المذاهب في المجتمع السعودي

أعزائنا المشاهدين..
لنا أخوة سعوديون نحبهم ويحبوننا، هم الأخوة الشيعة، هذا المذهب الذي أُختلف في طرحه ومناقشته وفي الجدال حوله، لذلك لا أريد أن أتحدث عن هذا المذهب، أو هذا الفكر، أو هذه الطائفة، إنما أترك لكم المجال أن ترحبوا ـ وأرحب أنا شخصياًـ بسماحة الشيخ حسن بن موسى الصفار الداعية الإسلامي..


مقدم البرنامج: السلام عليكم سماحة الشيخ.


سماحة الشيخ: وعليكم السلام وعلى جمهوركم السلام ورحمة الله وبركاته.


مقدم البرنامج: سيدي الكريم من بداية طرحي، كأنما نستشف أننا نسعى إلى وحدة وطنية في ظل هذه التعددية، وكأني حين نقرأ التاريخ نلمس هناك الكثير من التعدديات التي صارت في آراء جمهور العلماء والفقهاء والمسلمين أيضاً، لكن ضلت الخلافة الإسلامية على مدى طويل جداً لم تنته إلا قبل ما يقرب من مائتين سنة أو ما شابه ذلك، لذلك:
س: لماذا..أو كيف يمكن أن نوظف هذه التعددية المذهبية في استقامة وفي نهضة هذا الوطن؟


سماحة الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين وصحبه الطيبين..
في البداية أشكر لكم اختيار هذا الموضوع، وكما كنتم موفقين في اختيار مواضيع سابقة في برنامجكم الهادف الطيب، أسأل الله أن ينفع به وينفع بكم، وأن يوفقكم في خدمة الدين ولخدمة الوطن، في هذا الخندق الإعلامي الهام وخاصة في هذا العصر.
أخي الكريم في البداية يجب أن نتحدث عن مفهوم الوحدة الوطنية،
ماذا تعني الوحدة الوطنية؟
أعتقد أن الوحدة الوطنية تعني: تمحور المواطنين حول وطنهم، وذلك يتحقق
في أبعاد ثلاثة:
- أولاً: البعد النفسي: الحب للوطن والولاء والإخلاص والانتماء للوطن وهي حالة نفسية.
- ثانياً: البعد العملي: ويعني خدمة الوطن، والعمل من أجل تقدمه، والدفاع عنه وحمايته.الوطنية وحب الوطن ليست مجرد قصيدة تلقى، ولا مجرد شعار يقال، وإنما يجب أن تتحقق في حياة المواطن كواقع سلوكي، عن طريق خدمته لهذا الوطن، ودفاعه عنه، وحمايته لمصالحه.
- ثالثاً: البعد القانوني: أن يخضع المواطنون لنظام يساوي بينهم في الحقوق والواجبات، وينظم علاقاتهم بشكل عادل، وجود نظام يخضع له المواطنون هو الذي يوفر الاستقرار والأمن، من دون وجود نظام لا يكون هناك استقرار، ومن دون وجود عدالة ومساواة،لا تتحقق هناك وحدة، ولذلك فالوحدة تتمحور وتتمظهر في هذه الأبعاد الثلاثة.


مقدم البرنامج: إذا سمحت لي..نقطة الجانب الأول قبل أن نستطرد في الجانب الثاني.أنت ذكرت أن هناك ثلاثة أطر تتحدث عن الوطن: الجانب العاطفي والجانب العملي والجانب القانوني، وهناك لا بد أن يكون المواطن يؤدي هذه الخدمة، لكن هذه الجوانب سيدي الكريم لابد أن تؤصل في هذا الإنسان الذي ينتسب إلى هذا الوطن.

س: كيف يمكن أن تؤصل هذه الوطنية ـ يعني هذا سؤال مهم جداً ـ سبق أن طرحناه كثيراً وحتى الآن لم نصل إلى إجابة قد تكون إلى حد ما شافية ومقنعة، كيف يمكن أن نؤصل مفهوم الوطنية، لأن أولئك الذين يقومون بعمليات إجرامية من تدمير وخراب، يرون أنهم يدافعون عن الوطن! فهذه الوطنية التي لم نستطع حتى الآن أن نؤصلها حتى هذه الصورة؟


سماحة الشيخ: في بعض الأحيان قد يكون القائمون بهذه الأعمال يعتبرون مفهوم الوطنية كفراً.


مقدم البرنامج: نعم..نعم..في بعضهم..


سماحة الشيخ: لأن هذا التطرف العملي ينبثق من أرضية تطرفٍ فكري أيضاً، فيرون أن الوطنية، ومفهوم الوطنية كفر ولا يقبلون، ويمانعون من طرح هذا المفهوم الوطني.
تعميق الطرح الوطني يكون بأمور ثلاثة أيضاً:
- الأمر الأول: تكريس هذا الانتماء عن طريق التربية، وعن طريق الثقافة، وعن طريق الإعلام،حتى تكون الوطنية هوية غالبة على الناس، هي الهوية المقدمة على سائر الهويات الأخرى، لأن هناك هويات فرعية، هناك انتماءات قبلية مناطقية مذهبية فكرية،لكن ينبغي أن تكون الهوية الوطنية هي القاسم المشترك بين هؤلاء جميعاً، وبالتالي يجب أن تكون هي الهوية الظاهرة، والغالبة على ثقافة هؤلاء الناس وعلى تعاطي هؤلاء الناس مع بعضهم البعض،
 هذا أولاً.

- الأمر الثاني: تشجيع التنافس في خدمة الوطن.هذا أمر مهم جداً،
بحيث تكون مكانة الإنسان ودوره الوطني، انعكاساً لمدى خدمته لوطنه،
وليس لشعارات يرددها، وليس لانتماء معين، بعض الناس قد يرى لنفسه بعض المكاسب وبعض الحقوق لمجرد أنه ينتمي إلى هذا الرأي، أو لهذا الفكر،
وهذا خطأ.
ينبغي أن تكون مكانة الإنسان في وطنه بمقدار أدائه وخدمته للوطن، وهذا ما تركز عليه المفاهيم الدينية: ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ.﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا.﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى.من أجل أن نركز الطرح الوطني يجب أن نشجع التنافس في خدمة الوطن.

مقدم البرنامج: يعني ليس الدين هو فقط الذي يجعلك أكثر تميزاً من الآخر؟


سماحة الشيخ: لا أبداً..لأن الدين الحقيقي هو الذي يدفعك إلى العطاء الأكثر، الدين ليس هو الذي يدفعك إلى كثرة الصلاة والصوم فقط، الصلاة والصوم ينبغي أن تكون باعثاً للعطاء للخدمة..نحن نجد في البلدان الأخرى ويؤسفنا أن تكون بعض البلدان..نطرح بعض الجوانب فيها كنماذج، ولكن ديننا علمنا أن: ( الحكمة ضالة المؤمن يأخذها أين وجدها)، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( اطلبوا العلم
ولو في الصين ).
فحينما يكون هناك شيء إيجابي في أي بلد نُشيدُ به، في البلدان الأخرى، المتفوق علمياً تبرز مكانته، المتفوق عملياً تبرز مكانته، المتفوق فنياً تبرز مكانته،
 يعني التفوق والتنافس على العطاء والخدمة، هو الذي يكرس الطرح الوطني في نفوس الناس.

إن تعميق الطرح الوطني يتم عبر هذه الأبعاد، في المملكة العربية السعودية، وهذا ما يتحدث عنه المسؤولون، وما يريد المسؤولون أن يتحقق، أن يكون هناك ثقافة وتربية توجه الناس للولاء لوطنهم أكثر من أي شيء آخر هذا من جانب.
ومن جانب آخر أن يكون هناك تشجيع للتنافس في خدمة الوطن، وفي العطاء للوطن، بمقدار ما يعطي الإنسان لوطنه يأخذ موقعه ويأخذ مكانته، وليس بمقدار ما يحمل من عناوين، وليس بمقدار انتمائه إلى هذا الطرف أو ذلك الطرف،هنا يتعمق الطرح الوطني.
 نحن نتحدث عما يجب أن يكون، وليس فقط في حدود ما هو موجود في العالم العربي، صحيح..في العالم العربي هناك إشكالات هناك نقاط ضعف، ولكننا نتحدث كيف نتجاوز هذه الإشكالات، نتجاوز هذه الإشكالات بأن تكون هناك ثقافة تؤكد على الانتماء للوطن، تربية تؤكد على الانتماء للوطن، وتشجيع للتنافس في خدمة الوطن، بحيث يتبارى الناس.
نحن نجد في كل حقل من الحقول حينما يكون هناك تشجيع تتفجر الطاقات والمواهب، في مجال الرياضة، بتشجيع الجمهور وبإعطاء الجوائز تبرز القدرات والمواهب الرياضية، فحينما تكون خدمة الوطن ساحة للتنافس، وحينما يكون من يخدم الوطن أكثر، ومن يقدم للوطن أكثر، هو ينال الموقع الأكثر والمكانة الأكبر والبروز والظهور والتشجيع هذا هو الذي يشجع ويعمق الطرح الوطني.

مقدم البرنامج: طيب.. التعددية لم تتطرق إليها..التعددية المذهبية هذا هو كان سؤالي، كيف يمكن أن تصب هذه التعددية في نماء؟

سماحة الشيخ: أخي الكريم لا يوجد شعب من شعوب العالم فيه تجانس كامل، في كل الشعوب هناك تنوعات،  تنوعات عرقية وقومية ودينية فكرية سياسية، هذه التنوعات موجودة في كل الشعوب.لكنَّ هذا التنوع ما دامت هناك هوية وطنية مشتركة، وما دامت هناك مصلحة مشتركة بين المواطنين، ويتحسس المواطنون بمشاركتهم الفعلية في هذا الوطن، وفي التمتع بالكرامة والخيرات في هذا الوطن - في أي وطن من الأوطان - هنا لا يضير التنوع والتعدد، أمريكا الآن..الولايات المتحدة الأمريكية.الشعب الأمريكي..
يتكون من أعراق مختلفة ومتعددة، خليط من الشعوب والأعراق والثقافات، ولكن ذلك لا يؤثر على وحدتهم الوطنية، نجد في بلد مثل الهند كم من الديانات في الهند؟ كم من الأعراق في الهند؟ وكم من اللغات في الهند؟ ولكنَّ ذلك لا يؤثر على الوحدة الوطنية في الهند.

 لماذا؟
لأن هناك هوية مشتركة هي هوية انتمائهم لبلدهم، وهناك نظام ينظم العلاقة بين هؤلاء المواطنين، ويحقق ويوفر المساواة والعدالة بين هؤلاء المواطنين، نحن لا نريد أن نزكي كل ما يجري في هذه البلدان، ولكن بمقدار ما تكون هناك عدالة وبمقدار ما يتحسس الإنسان بالمشاركة في المصلحة، تتحقق هذه الحالة الوطنية.
المذاهب..نحن - والحمد لله - في المملكة العربية السعودية، لدينا أعلى قدر من التجانس، من الناحية العرقية والقومية، كلنا عرب، وإن كنا من الناحية الإسلامية لا نرى فرقاً كما في الحديث الشريف: ( كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى)، ليس هناك فرق من الناحية الدينية أيضاً - الحمد لله - كل أبناء المملكة يدينون بالإسلام، ويشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً صلى الله عليه وآله رسول الله ويلتزمون بفرائض الإسلام، فكلهم مسلمون.
التنوع المذهبي هو اختلاف في القضايا الجانبية التفصيلية عقدياً وفقهياً، أصول العقيدة متفق عليها بين كل المذاهب، الإيمان بالله تعالى، الإيمان برسول الله محمد صلى الله عليه وآله، الإيمان بالآخرة، مرجعية الكتاب والسنة، القبلة الواحدة، الأركان الإسلامية الأساسية، ليست مورد خلاف هذه الأصول بين المذاهب الإسلامية، هناك اختلاف في بعض التفاصيل العقدية.

مقدم البرنامج: التفاصيل هذه..لماذا هي كأنما هي معمقة يعني وذات بعد كبير جداً؟

سماحة الشيخ: هذا هو السؤال المهم..مساحة الاتفاق بين المذاهب الإسلامية مساحة واسعة جداً، ومساحة الاختلاف مساحة محدودة، ولكن لماذا تنشغل الأمة أو الكثيرون من الأمة بالمساحة المحدودة من الاختلاف ويتغافلون عن المساحة الواسعة من الاتفاق؟
يجب أن نرجع إلى العهود التاريخية السابقة التي عاشتها الأمة، تلك العهود السابقة، التراث الذي وصلنا منها هو الذي جعلنا نهتم بهذه التفاصيل الجانبية على حساب الأصول المشتركة.

مقدم البرنامج: طيب ولماذا..سؤالي هو التفاصيل هذه..لماذا نحن انسحبنا وراء هذا التاريخ..واهتممنا بالتفاصيل الصغيرة وتركنا الاتفاق الكبير وبعد الفاصل نكمل الإجابة على هذا السؤال.

[فاصل]

مقدم البرنامج: أهلاً بكم مشاهدين الكرام..كالعادة..متاحة لكم أيضاً المشاركة في هذا النقاش، وستظهر أرقام الهاتف على الشاشة..لكي يشارك الإخوة المشاهدون معنا في هذا النقاش.
سيدي الكريم..تحدثتم قبل الفاصل عن التفاصيل والاتفاق في مساحة كبيرة والاختلاف في التفاصيل الصغيرة، هذه التفاصيل نريد هكذا إيضاح..لماذا..لماذا..لماذا.. ونحن متفقون في الكثير ومختلفون في القليل، ولكن هذا الاختلاف القليل يحدث ضجة كبيرة.. لماذا؟

سماحة الشيخ: أعتقد أن هناك سببين رئيسين:
- السبب الأول: يرتبط بالثقافة الدينية عند كثيرٍ من المتدينين، الذين أغفلوا مقاصد الشريعة الأساسية، وركزوا اهتمامهم على بعض القضايا الجانبية، فبدل أن يركزوا على المقاصد الأساسية للشريعة وللدين، كعمارة الأرض ونشر العدل بين الناس وتحقيق وحدة الأمة والريادة بين سائر الأمم: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا بدل ذلك..اهتم البعض من العلماء ـ وهذا نقد ذاتي ـ لنوعنا من الدعاة ومن طلبة العلوم الدينية.


مقدم البرنامج:هل تيار واحد أو طائفة معينة أم كل الأطياف؟

سماحة الشيخ: لا..من كل الطوائف وكل الأطياف حصلت هذه الحالة..أصبح هناك تركيز على مسائل جانبية وإهمال للمقاصد الكبيرة في الدين.

مقدم البرنامج: نريد منكم مثلاً شيخ..

سماحة الشيخ:  مثال: ألفنا كتباً كثيرة حول الوضوء وحول الصلاة وحول رؤية الله تعالى..هل يرى في الآخرة أو لا يرى؟ وحول القرآن هل هو مخلوقٌ أو قديم..؟ وما أشبه..ولكن لم نبذل جهداً في التوجيه إلى استثمار خيرات الكون، عمارة الأرض، أخذ دور الريادة بين الأمم، نشر العدل،  توحيد الأمة..مثل هذه المقاصد الأساسية لم تأخذ حضها وحقها من البحث والطرح.

مقدم البرنامج: وأنتم - اسمح لي يا شيخ-  وأنتم تمثلون طائفة الشيعة في المملكة العربية السعودية، لماذا أنتم لا تبادروا ولم تتقدموا بهذه الطروحات؟ لماذا أيضا أنتم انسحبتم وراء هذه التفاصيل وضللتم تناقشوا كما أشبه بأن تجتروها يمنة وشمالاً..وفوقاً وتحتاً دون أن تصلوا إلى هذه المقاصد النبيلة التي تحدثت عنها؟


سماحة الشيخ: نعم.أتحدث عن الجانب الثاني قبل أن أجيب عن سؤالك.الجانب الأول أيضاً: ضعف الوعي وغلبة التفكير في الجزئيات وفي القشور على حساب المقاصد الأساسية للشريعة.
- الجانب الثاني: بعض الإرادات السياسية التي حكمت الأمة في بعض عهودها وعصورها، مثلاً: لو قرأنا حول فتنة خلق القرآن والتي عانى منها بعض الأئمة والعلماء كالإمام أحمد ابن حنبل وأمثاله، نجد أن حاكماً عباسياً يأتي ويرى القول بخلق القرآن، أو يتبنى هذا الرأي ويضطهد المخالفين في الرأي، ويأتي حاكم آخر ويرى القول بقِدم القرآن، ويضطهد المخالفين في الرأي، في بعض الأحيان تكون إرادات سياسية لإشغال الناس بهذه الخلافات وبهذه الأمور، قد تكون من بعض السلطات في تاريخ الأمة، وفي بعض الأحيان قد يكون الخارج..خارج الأمة يثيرون هذه الأمور لإشغال الأمة ولإلهائها، لستُ من الذين يلقون بالمسؤولية على الخارج دائماً وأبداً.

 نعم.. الواقع أيضاً حصل مثل هذا الأمر، يعني مثلاً: بعض الأنظمة العربية.
حينما يدخل النظام العراقي البائد الحرب ضد الجمهورية الإسلامية في إيران فيكون إثارة المسألة الطائفية جزءاً من مشروعه، ولذلك تحرك إعلامياً وأثار ومول وغذى هو ومن تحالفوا معه، غذوا هذه الإثارات الطائفية في تلك المرحلة، إذاً هناك بعض الإرادات السياسية في بعض الأحيان، تشغل الأمة بمثل هذه الأمور.


مقدم البرنامج: شيخنا..أراك تتحدث دائماً..يعني تستخدم التاريخ في الطرح.. تحدثت عن العباسيين، وعن الخلافات الإسلامية، وأيضاً هنا الآن تتحدث عن شيء مضى في القرن الماضي، ونحن الآن في القرن الواحد والعشرين، ونحن في منعطفٍ هامٍ وحساس وخطير في وضعنا الراهن، نريد أن نتحدث عن الواقع،ما نحن عليه الآن.تحدثت أنت عن ضعف الوعي عند العلماء، وهذا يعني ما يؤسفني ويؤلمني، حينما نتحدث عن ضعف الوعي عند العامة قد...

سماحة الشيخ: طبعاً..ليس عند كل العلماء.هناك علماء واعون.

مقدم البرنامج: نعم..قد  نقبل أن يكون هناك ضعف وعي عند العامة، لكن صعبٌ علينا جداً أن نقبل أن هناك ضعف وعي حتى عند البعض، إذا كان عند البعض عندهم ضعف وعي، إذاً يخرجوا عن جادة الصواب،ليكون  هناك علماء أفاضل قادرين، ثم تحدثت عن الإرادة السياسية، في المملكة العربية السعودية أتصور..لا أريد أن أصدر لك رأياً إنما أريد رأيك أيضاً في إرادة المملكة العربية السعودية في هذا الانسجام للتعددية هذه.

سماحة الشيخ: نعم.الإرادة تجلت في مظهر هام جداً وهو الحوار الوطني، الذي دعا إليه سمو ولي العهد.هذا الحوار الوطني دشن عهداً ووضعاً جديداً في مجتمعنا في المملكة العربية السعودية.

 مقدم البرنامج: عهداً جديداً؟

سماحة الشيخ: نعم.على هذا الصعيد..

مقدم البرنامج: يعني لم يكن في السابق؟

سماحة الشيخ: في السابق كانت هناك قطيعة بين أتباع المذاهب المختلفة، يعني مثلاً: بالنسبة لي باعتباري ضمن المذهب الشيعي لم تكن هناك فرص متوفرة للتواصل مع العلماء والدعاة من أبناء المذاهب الأخرى في داخل المملكة، وأكبر دليل ـ لعلكم تذكرون ـ حينما حصل لقاء أثناء الحوار الوطني الأول مع أحد الدعاة، وركبت معه في السيارة أثار ضجة كيف هذا الشيخ الشيعي ركب مع هذا الشيخ المحسوب على المدرسة السلفية؟
وكنت أتعجب لماذا يكون لقاء بين اثنين من المهتمين بالعلوم الدينية الشرعية.. وأبناء بلد واحد يثير هذه الضجة؟!
قبل شهر زارنا في المنطقة أحد العلماء الأفاضل، الدكتور الشيخ عوض القرني. فأثارت زيارته لنا ضجة، وفي لقائه مع بعض القنوات أخيراً، وفي مقابلة صحفية لماذا؟ وما هو السبب؟ وكيف زرت؟

مقدم البرنامج: أنا معك في هذه الضجة، لكني أريد أن أطرح طرحاً ..أنت حينما تتحدث لا تتحدث عن الشيعة، تتحدث عن الطرف الآخر كذا..أيضاً التهمة إذا كنا أردنا أن تكون تهمة موجهة إليكم لم تبادروا كما لما يبادر الآخر، لكن الإجابة على هذا السؤال، نأخذ اتصال من الدكتور عمر كامل..السلام عليكم يا دكتور..


الدكتور عمر عبدالله كامل: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته..الدكتور عمر كامل


سيدي..كنا نتحدث عن الوحدة الوطنية وتعدد المذاهب في المجتمع السعودي..كيف يمكن لنا ونحن مجتمع قاري وفيه تعددٌ مذهبيٌ كبير ومتعدد، الآخر يرى أن هذا التعدد قد يكون مثلباً أو ثغرة ممكن لأي آخر الدخول إلى هذا الوطن والتغلغل فيه وإهلاكه..هل بالإمكان دكتور عمر -  وأنت رجل متخصص -هل بالإمكان أن يكون هذا التعدد قوة بدل أن يكون ضعفاً؟

الدكتور عمر كامل: نعم..التعدد هو قوة، والاختلاف كان في الأمة الإسلامية من أول العصور، حتى داخل المذهب الواحد، فأهل السنة مثلاً أربعة مذاهب، هناك اختلافات فقهية، وأيضاً اختلافات بسيطة في العقائد داخل نطاق المذهب الواحد، وكلها مقبول، لكن ما هو الغير مقبول؟ هو المغالاة في إنكار حق الاختلاف، وفي إنكار حق الآخرين في أن يُعبّروا عن آرائهم وعن همومهم.

مقدم البرنامج: ممن المغالاة دكتور؟ من هم الذين يغالون في إنكار هذا الاختلاف؟

الدكتور عمر كامل: في كل الطوائف.

مقدم البرنامج: في كل الطوائف؟

الدكتور عمر كامل: في كل الطوائف.أنا أقول: أن بلوتنا العظمى ليست في العقلاء، وإنما في الجهلة والعوام، الذين يصرون على دفع أمورٍ خلافية بسيطة إلى مجال العقيدة.
يا سيدي..الحمقى موجودون ويسببون لنا المشاكل في كل زمانٍ ومكان.
سأضرب لك مثالاً: - ليس في المملكة وإنما خارج المملكة - كنت في إحدى الدول العربية حينما كانت هناك حربٌ أهلية، وبعد انتهائها مباشرة،لم تكن وسائل التلفون قد عادت بعد، فكان هناك جهاز لا سلكي لكل أشخاص، فوجدت في الجهاز الذي عندي شخص سني يشتم مسيحياً في رموزه الدينية، كالسيدة العذراء وكالصليب وكذلك...فغضبت غضباً شديداً..لأنه وصل إلى حدِ اللعن وضربت الجهاز في الأرض.
قلت له: يا رجل اتق الله..السيدة العذراء عندنا مقدسة..السيدة العذراء أم المسيح..أم نبي..هي جزءٌ من إيماننا وعقيدتنا..كيف تتصرف بهذا؟ قال: هو يشتم..ووو..قلت: يا أخي..إن كان يشتم لا تنزل إلى مستواه...
انظر إلى أي أحد يقود الجهل يا سيدي نحن..

مقدم البرنامج:  لكن - دكتور عمر - إذا كان أولئك الجهلة العامة هم الذين الآن..يعني ظهر جهدهم في الجهل، لذلك صار هناك ما يسمى بالفرقة بين هذه في التعدد المذهبي..
لماذا لم يكن العقلاء العلماء قوة أكبر وهم العلماء ـ ليسوا جهلاء ـ وإنما علماء..علماء وعقلاء.. لماذا قوتهم ضعفت أمام أولئك الجهلاء؟.


الدكتور عمر كامل: أنا حاولت أن أنشئ جمعية للتقارب والوسطية، وما زال طلبي معروضاً ولدي علماء من جميع مناطق المملكة ومن جميع المذاهب الموجودة في المملكة العربية السعودية، حتى نعمل عملاً وجهداً مشتركاً لإذابة الفوارق وحصرها في حدود - أنا لا أقول بإذابتها- فبعضها لا نستطيع أن نغيره..ولكننا نستطيع أن نتفق على 95%..يا رجل..ما يضرنا الاختلاف إذا اختلفنا.. الآن أنا - من جانبي - بدأت مشروعاً في التقارب، فلدي مشروع في الفقه المقارب بين المذاهب الأربعة، والمذهب الزيدي، والمذهب الأمامي ووصلت إلى نتائج، ولكن أحتاج إلى سبعة أشهر، أن المذهب الإمامي في الفقه لم ينفرد برأيٍ مطلقاً، فقد يشاركه مذهب من أهل السنة وكذلك الزيدي لم ينفرد برأيٍ مطلقاً، إنما قد يشاركه في نقطة أخرى مذهب من مذاهب أهل السنة.
أما المشروع الآخر الذي أعمل فيه وأسال الله أن يعينني..
 هو متون الأحاديث المتفق عليها بين طوائف المسلمين، سألجأ إلى المتون بغض النظر عن الأسانيد، وأرى المتون المتفقة في المذاهب السنية والزيدية والإمامية من النصوص التي اتفقنا عليها..اتفقت عليها المذاهب جميعاً الشيء الكثير..ولكن هذا الجهد يحتاج إلى تظافر العلماء..


مقدم البرنامج: أنا أتصور - دكتور - طالما أن النوايا حسنة بهذه المساحة، أن الله عز وجل سوف يعضد هذه النوايا الحسنة، برجال يساندونك في هذين المشروعين، وفي نفس الوقت الآن نشكرك أنك كنت ضيفاً معنا في هذا الطرح.شكراً يا دكتور عمر.


الدكتور عمر كامل: أشكرك..وشكراً للشيخ حسن، وأشكر كل مخلص ومحب لوطنه، لأنني أريد أن أقول كلمة واحدة، أقسم بالله الذي لا إله إلا هو، ليس لنا - بعد الله- إلا أن نتعاون ونتكاتف، إن القوم يأتمرون بنا، فإما أن نرتفع إلى مستوى مسؤولية الدفاع عن وطننا في أخطاره المحدقة، وكلنا يعلم ما يحاط بنا وما يحاك لنا، وما يحاط ضد دولتنا وسلمنا وأمننا وحكامنا، و والله إن لم نقف صفاً واحداً، سيدخلون من بيننا ويستغلون هذه الفرقة..

ثم نذوق المرار والويلات وهذه كلمة أقولها مخلصاً لوجه الله.

مقدم البرنامج: شكراً يا دكتور عمر.شكراً يا سيدي.الأستاذ فؤاد حصوصة.السلام عليكم..


أستاذ فواز حصحوصة: السلام عليكم.. أشكرك على هذا البرنامج الناجح.. وأحيي ضيفك الشيخ الصفار.

 أتمنى أن تعطيني وقتاً مثلما أعطيت الدكتور.

مقدم البرنامج: المشكلة باقي دقيقتان وسوف يدخل علينا فاصل فلذلك لا أستطيع أن أعطيك..

أستاذ فواز: أولاً سؤالك الأول هل التعددية  تعتبر من القوة، الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ.فالتعددية ليست من القوة، بالعكس بل هي – نسأل الله السلامة - من الضعف هذه نقطة.النقطة الأخرى: سألت من المغالين؟ المغالين معروفين الذين يسبون الصحابة رضوان الله عليهم، الذين يشتمون زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، هؤلاء..أنت سألت سؤال ليس الاختلاف بالأمور البسيطة، هذه ليست بسيطة هذه في العقائد.الذي يقول أن القرآن الكريم محرف - أعوذ بالله - وهؤلاء مع الأسف عند بعض العلماء لا أحب أن أذكرهم.


مقدم البرنامج: هناك  أطروحات وأيضاً أطروحات في المقابل، وطرحك هذا أيضاً أقبله ولا أريد أن أصادر رأيك أستاذ فواز، ولأن المشكلة كما قلت لك..الفاصل سيدخل عليَّ الآن، وطرحك أنا أقبله.والشيخ حسن سيجيب على هذه الطروحات، شكراً يا أخي فواز.
أيضاً الطرح متاح للطرفين الدكتور عمر قال كلام والأخ فواز أيضاً كأنما فهمت من طرحه أنه يشير إلى الطائفة الشيعية، أنها من المغالين وهذا رأيه الشخصي ولا أريد أن أصادره.تفضلوا..

سماحة الشيخ: في البداية أشكر الدكتور عمر كامل على أطروحاته الطيبة، وبالفعل لدي معرفة بتوجهه لإنشاء جمعية للوسطية والاعتدال، وكتب لي رسالة حول هذا المضمون، وأنا أدعم هذا التوجه، وأرجو أن ينال تشجيعاً من المسؤولين، يمكنه من أن ينشأ هذه الجمعية ويجمع فيها علماء من مختلف المذاهب، ومن مختلف مناطق الوطن، فتكون مؤسسة عملية أهلية، تتبنى لملمة هذا الشمل، وتقف أمام أي محاولة لإثارة الفتن ولإثارة الخلافات، والمشروع الفقهي أيضاً كان مشروعاً طيبا،ً أطلعت على مشروعه الجداول الفقهية ووجدته كتاباً قيماً يتضمن آراء مختلف المذاهب، وهو الآخر يكرس حالة الوحدة ويعيد الخلاف إلى مساره العلمي، بدل أن يكون ضمن ساحة الصراع والنزاع، أما الكلام عن أن الشيعة عندهم غلوا ومغالاة، أنا أقول أنّا لا نبرّأ أحداً، كل أبناء الأمة وطوائفها، فيها عقلاء معتدلون وفيها جهلاء متطرفون، هذا موجود في كل المذاهب وكل الأطراف..

[فاصل]

مقدم البرنامج: نتكلم عن الدكتور عمر كامل فيما يتعلق بأن المشكلة في الجهلاء وليس في العقلاء والأمة العربية والأمة السعودية أمة كبيرة ولديها القدرة أن يكون العقلاء يتفوقوا على الجهلاء لماذا هذا اللاتوازن أن الجهلاء هم الذين طغوا على العقلاء.نأخذ الفاصل ثم نعود إليك.

 الأخ فواز – شيخ حسن – كان يتحدث قبل الفاصل - الأخ فواز حصوصة- حينما سألت من المغالين في إنكار..لا أدري سؤالي كان..المغالاة في إنكار حق الاختلاف؟ فتحدث قال:  أن هناك من.. يعني معروفون، وهم الذين يسبون الصحابة ويقولون: في القرآن تحريفاً، أنا كان سؤالي في البداية أنه كنت تلقي دائما التبعية، أن هناك جهات أخرى أو أطياف أخرى هي التي تقصر ولديها..أيضاً الطائفة الشيعية لم تتحدث عنها ولم تنتقدها بما هو ينبغي لها أن تكون ما هو دورها في ذلك الشيء؟ دورها فيما تفضل..ما قاله الأخ فواز عن سب الصحابة وتحريف القرآن.


سماحة الشيخ: في الواقع أخي الكريم..إذا أردنا أن ننساق إلى تبادل الاتهامات، أنا أسجل اتهاماتي ضد بعض المتطرفين السنة، والأخ يسجل اتهاماته ضد بعض المتطرفين الشيعة، فهذا يعني أننا وقعنا في الفخ الذي يريده المتطرفون من الجانبين، ولذلك أنا من رأيي أن نتجاوز هذا الأمر، وأن نتحدث حول الخروج من هذا المأزق الذي تعيشه الأمة.

مقدم البرنامج: يعني تتفق أن هناك مغالين في الطائفة الشيعية.


سماحة الشيخ: نعم.


مقدم البرنامج: يتحدثون بهذا القول وهناك أيضاً مغالاة أنا - كما تفضلت- هناك مغالون يتحدثون بهذا الطرح.
ويبدو أن الاتصالات شيخنا...لكن نأخذ الاتصال لو سمحت لي.

 أستاذة منال سلام عليكم..

أستاذة منال: سلام عليكم..

مقدم البرنامج: أهلاً وسهلاً سيدتي..تفضلي..

أستاذة منال: أنا أحب أن أطرح أطروحة صغيرة، أفضل أن لا نتكلم عن أي نوع من اختلاف طوائف أو أية اختلافات..كلنا عرب كلنا مسلمين، كلنا نخاف الله، نعيش في أمن وأمان، وهذا الشيء نحمد الله عليه.يتهيأ لي ما دمنا ننتمي لأرض واحدة ، فكلنا واحد هذا هو رأيي في الموضوع.

مقدم البرنامج:  جميل أخت منال..تفضلي..

سماحة الشيخ: قسم من الأمور التي تثار في هذا السياق ناشئة عن سوء فهم، ذلك لأننا لم نقرأ بعضنا بعضاً بشكل مباشر دائماً، وإنما نعتمد على نقولات تراثية، وعلى نقولات تاريخية، وعلى كتابات كتبها متطرفون من هذا الطرف وذلك الطرف، وهي التي ظهرت، وخذ مثلاً عن ذلك الكلام عن تحريف القرآن: كتب الشيعة عشرات الكتب حول هذه المسالة، وأعلن علماؤهم آراءهم واضحة جلية في هذا السياق، ولكن مع ذلك في كل لقاء في كل مقابلة في كل مجلس يطرح هذا الموضوع، وهذا يذكرني بقصة - لعلها أسطورية - عن ذلك الرجل الذي دخل إلى مدينة، فرأى جنازة تُشيّع، ولكنَّ المحمول على النعش يرفع رأسه بين فترة وأخرى ويقول: يا جماعة أنا حي ! كيف تأخذوني إلى المقبرة وتدفنوني وأنا حي؟! ولكنّ قاضياً كان أمام المشيعين يقول لهم: لقد شهد شاهدان عادلان بموته فهل نكذبهما ونصدقه؟!! اذهبوا به وادفنوه.

أخي العزيز واقعنا هكذا، علماء الشيعة يصرحون: بأننا لا نقبل ولا نقول ولا نجيز ونرفض القول بتحريف القرآن، وأن من قال بذلك هو رأي شاذ رفضه البقية، وأعلنوا رأيهم، الشيعة لهم الآن إذاعات تقرأ القرآن، ولهم أبناء يشاركون في حفظ القرآن، ويشاركون في المسابقات الدولية في حفظ القرآن، ولهم تفاسير مطبوعة في تفسير القرآن، ويستدلون على عقائدهم وعلى فقههم من القرآن، فهل لديهم حكم يستدلون عليه بآية ليست موجودة في هذا القرآن المتداول بين المسلمين؟!

مقدم البرنامج: إذاً..هذا الطرح السطحي؟ لماذا؟

سماحة الشيخ: أحسنتم..ومشكلتنا كلما جئنا لكي نتحدث عن التقارب، وعن التعايش.. وعن تحقيق الوحدة الوطنية، ينبري أشخاص عبئت أفكارهم، وفي بعض الأحيان - أنا لا أتهم الأخ الكريم المتصل - ولكن لدي معلومات بأن هناك أشخاصًا هم بالمرصاد لأي شخص يدعو للحوار، لأي برنامج ينشر الحوار والتعاون، يتداخلون ويتحدثون بهذه الأمور، من أجل تخريب هذا الطرح الوحدوي، ولذلك مع أنني أؤمن بحرية التعبير عن الرأي، ولكني أقول لعلنا نكتشف أن هؤلاء الأشخاص هم أشخاص محدودون، تديرهم جهات معينة،هؤلاء بالمرصاد دائماً وأبداً، يطرحون هذا الكلام، بمجرد أن يكون حديث عن وحدة وطنية.. ووحدة إسلامية، يثيرون مسألة تحريف القرآن، سب الصحابة..

مقدم البرنامج: سب الصحابة.

سماحة الشيخ:  زوجات الرسول يا أخي..ألم ننته من هذا الموضوع؟

مقدم البرنامج: ستجيب على هذا السؤال لكن لنأخذ اتصالاً.. الأخ حسن، من تونس.. سلام عليكم ..أهلاً وسهلاً..

الأخ حسن: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..بودي أن أسأل شيخنا شيخ حسن، ونهنئه بعيد الفطر المبارك.

سماحة الشيخ:  شكراً.

الأخ حسن:  وأهنئ الأمة الإسلامية كلها جمعاء إن شاء الله ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيد العيد المبارك..علينا وعلى الأمة الإسلامية بالوحدة والنصر.
شيخنا العزيز..ألا ترون الوحدة الإسلامية أو بالأحرى التفاعل والتكاتف والتآزر بين أحداث وتطلعات المسلمين كافة من سنة وشيعة، تقتضي إيجاد حركة ثقافية فاعلة وواعية في الأمة من مخلصي هذه الأمة؟ مع العلم أن هناك طبعاً متعصبون.. من كلا الطرفين سنة وشيعة.الذي يهمنا في الحديث بعض الشيعة المتعصبين، طبعاً..ربما يتناولون الصحابة والتاريخ الإسلامي بشيء من الأذى، وبعض كذلك من متعصبي الطرف الآخر الذي هو السنة، مع العلم أني كنت من معتنقي المذهب السني والآن على المذهب الجعفري والحمد لله رب العالمين بدون تعصب أقول هذا الكلام بدون تعصب، خلال مروري بتلك الفترة الأولى والثانية وخاصة حالة الانتقال، تلقينا سب وشتم وكيل وعداء صارخ جداً من بعض المروجين، وأنا أقول بعض وليس كل ونحن في شمال أفريقيا، لكن إن كان في شمال أفريقيا أقول أن داخل عليها عقيدة أخرى أو فكر آخر أو تمذهب آخر، لأنها كل شمال أفريقيا في العادة تتمذهب بالمذهب السني، فما بال إخواننا في الشرق المتعايشون من قديم الزمان منذ بزوغ فجر الإسلام إلى الآن، ما زالت الدوافع والحوافز بين مذهبين عرقين في الأمة، وكلا الطرفان يريدان العمل لصالح الأمة، هل يستطيع شيخنا حسن الصفار - أكرمه الله وجزاه خير- أن يعطينا بعض الدوافع كيف نعيش كمتشيعين أو متمذهبين لمذهب أهل البيت سلام الله عليهم؟ في مناطق نائية ربما عن العلماء، وهذه مصيبتنا نائية عن العلماء، قليلاً.. ليس لنا اتصال مباشر بعلماء لكلا الطرفي، لأن حتى الطرف الموجود هناك..يرفض أن يذهب من مذهب لمذهب آخر لينصحه.
. كيف نستطيع أن نلم الجراح بدون إيجاد ذلك التفاعل الثقافي والحضاري بين الأمة؟ وجزاكم الله خيراً..

مقدم البرنامج: شكراً أخ حسن..فيه اتصال آخر.. الأستاذ..محمد باقر النمر سلام عليكم..

الأستاذ النمر: وعليكم السلام ورحمة الله..حياك الله أستاذ كمال.. تحية لك ولضيفك سماحة الشيخ حسن الصفار..

مقدم البرنامج: أهلاَ وسهلاً..

الأستاذ النمر: فمحمد باقر النمري الحقيقة كل شخص يعتقد أنه على حق في هذه الدنيا، حتى أصحاب الديانات والمذاهب الأخرى غير السماوية، حتى الهندوس وعبدة البقر في الهند، وفي تلك المناطق يعتقدون أنهم على حق.. حتى أولئك في الهند يعتقدون أنهم على حق، وأن لديهم من الأدلة ما يبررون به ويدافعون عن عقائدهم التي يجاهرون بها، أما الشيعة فيقوم البعض بمحاسبتهم بما يقوله الآخرون عنهم أو بعض الأسلاف، كما حدثت المداخلة التي دخل بها الأخ فواز وكثيراً من المداخلات التي من هذا النوع، الآخرون يقولون عن الشيعة:
 أنهم يحرفون القرآن،طيب ولكن في المقابل هم الشيعة أنفسهم لا يقرون بذلك وأمام الملأ وفي العلن، وكما أشار سماحة الشيخ في مساجدهم في إذاعاتهم في كل أماكنهم، يعني لا يوجد لديهم إلا هذا القرآن الذي بين الدفتين، وهكذا في أمور أخرى أيضاً، وحتى في سب الصحابة أيضاً، هم لا يسبون الصحابة بهذا العنوان وبهذا المعنى وبهذه الإثارات التي تثار من قبل الآخرين عليهم..هذه فقط مداخلة بسيطة..

عودة إلى موضوعكم، هو في الحقيقة موضوع مهم جداَ، في وقت هام ومناسب جداً جداً..في الوقت المناسب، حول موضوع التعددية أو الدول التي تفتخر بالتعددية وبالأثنيات معتبرين ذلك أنه من نقاط قوتها لا ضعفها، كما هو الحال في دولنا العربية، لكن الصحيح أن ذلك يشكل مصدر قوة بمقدار قوي ومقدار كبير، لا مصدر ضعف لتلك الأمم.أوربا التي توحدت وهي على غير دين وعلى غير لغة..
أنا في الحقيقة من خلال هذا البرنامج، ومن خلال برنامجكم الطيب، ندعو حكومتنا ـ المملكة العربية السعودية الرشيدة وفقها الله ـ إلى الدعوة العلنية والصريحة لمؤتمر حوار بين المذاهب، على غرار مؤتمر الحوار الوطني وغيره، يشارك فيه كل المذاهب القائمة في المملكة وتجاوز فردية المذهب الواحد، أو المذاهب الأربعة، ففي المملكة مذهبٌ خامس وهو المذهب الجعفري، ومذهبٌ سادسٌ المذهب الإسماعيلي، ليسوا بدعاً أو أنهم نكرات، لكنَّ ثقلهم السكاني والجغرافي وتاريخهم العريق، الدول الأخرى التي دعت إلى مؤتمرات بهذا العنوان ليست أولى من المملكة العربية السعودية بدعوتها تلك.

مقدم البرنامج: أستاذ محمد أنا أشكرك كثير جداً ولدي اتصالات كثيرة جداً..وسماحة الشيخ يبدو أن الناس..يحبونه جداً، وشكراً أخي محمد.. غازي السلام عليكم..


أستاذ غازي:  السلام عليكم، مساء الخير أخي العزيز..  وأمسي بالشيخ حسن..

أخي الكريم أنا لست أكاديمياً أو شخصًا لي وضعي في جامعة أو أي مكان أكاديمي، حتى أتكلم بشكل أكاديمي فيه أطروحات أو أو، إنما أنا شخص أتكلم عن شيء أنا عايشته أو شيء رأيته، خصوصاً وأنا أدرس في كلية ثلاثة أرباعها من الشيعة في المنطقة الشرقية، فبصراحة ألاحظ أن في الشباب الذين أنا أقابلهم من المذهب الشيعي، ألاحظ أن في غرس مبكر، غرس من الصغر على الشيء..ضد الشيء الذي تكلم عنها الشيخ..الشيء الذي تكلم عنه الشيخ..الوحدة والتكافل الخ، ولكن هذا الشيء ممكن أن نلاحظه في قليل في ثلة من الذين أنا رأيتهم أمام عيني..فالشيخ، هذه نقطة، ونقطة ثانية ربما تكون صحيحة وربما تكون خاطئة، الشيخ حسن يتكلم عن ضرورة الوحدة وو الخ، ولماذا يرى أن الأشياء الرئيسة في ديننا يرى أن لا نتكلم عنها، وأنها قشور، وأنها تسبب الفرقة وأنها..

نحن نعرف أن حكم سب الصحابة هذا شيء رئيس في الدين.. الذي يسب في حكم شرعي..

مقدم البرنامج: سيجيبك الشيخ حسن في هذه النقطة، فيما يتعلق بعدم غرس الوحدة.كما تفضلت في شباب الجامعة، وأيضاً فيما يتعلق في عدم الوحدة.الشيخ حسن الأسئلة كثيرة جداً وأخرجتني عن محاوري التي أريدها..تفضل سيدي..

سماحة الشيخ: نعم..لدي تعليقان:
- التعليق الأول: عما ذكره الأخ من تونس الأخ حسن من تونس جزاه الله خيرًا، لدي تعليق فيما يرتبط في مسألة الانتقال المذهبي من مذهبٍ إلى أخر، أنا أعتقد أن الإسلام هو بيت جامع، والمذاهب غرف في داخل البيت، انتقال الولد من غرفه إلى غرفة في بيت أبيه، ليس مشكلة المهم أن لا يخرج خارج البيت..  أما أن ينتقل من هذه الغرفة إلى غرفة أخرى، لأنه يراها أنها أوسع، أنها أكثر ضياءً أو ما أشبه ذلك..  حسب رؤيته الشخصية..حسب قناعته.. أنا لا أؤيد الجهود والمؤسسات التبشيرية، لأن التبشير بين المذاهب، تحويل الناس من مذهب إلى آخر على شكل مؤسسة وتبشير ، هذا يثير مشكلة ويثير فتنة..  لكن أيضاً، ليس من حقنا أن نقمع الآراء والقناعات، إذا إنسان شيعي حصلت عنده قناعة بأن يصبح سنياً فليكن، ما خرج من بيت الإسلام، إنسان سني حصلت عنده قناعة أن يكون شيعياً فليكن، ما خرج عن بيت الإسلام، فلا ينبغي أن تكون عندنا حساسية تجاه هذا الأمر، ولكني أنصح الأخ حسن، أن بعض من يتغيرون في مذهبهم يطرحون تغيرهم بشيء من الحدية التي تثير عوائلهم، إخوتهم، أقرباءهم، أصدقاءهم، وهذا غير صحيح..ينبغي ألا تكون هناك إثارة، وينبغي أن لا يكون هناك طرح حاد، أنت لك قناعتك، ولكن لا يتحول انتقالك المذهبي إلى مشكلة في عائلتك، ولا يتحول إلى مشكلة في مجتمعك.

 وأقول هذا الكلام لأي سني يصبح شيعياً أو لأي شيعي يصبح سنياً، لأننا في بيت واحد وعندنا ما ينبغي أن نهتم به أكثر من هذه الحالة.


مقدم البرنامج: صحيح..الأخ غازي من جيزان، يقول أنه درس في المنطقة الشرقية، فيها مجموعة كبيرة من الشيعة لدى الشباب، عنده إحساسه، إحساسهم وتعايشهم يختلف عن الطرح الذي تريده، فيما يتعلق بالوطنية.

سماحة الشيخ: لا أستطيع أن أعلق على هذا الكلام..لأنني شخصاً أستقبل شباباً من الشيعة، يحكون شيئاً أخراً مخالفاً، وأنا لا أريد أن أعلق على هذا الأمر.. هناك متطرفون قلت من مختلف الطوائف.. أما من العقلاء إذا أردنا أن نتكلم عن واقع المواطنين الشيعة في المملكة العربية السعودية مثلاً، المواطنون الشيعة في المملكة العربية السعودية لم تصدر منهم كعلماء وكرموز شيء من الإساءات للآخرين، ليس عندنا عالم ألف كتاباً فيه إساءة لأهل السنة، أو إساءة لرموزهم، ليس عندنا ما نمارسه وفيه إساءة إلى الآخرين، بالعكس علماؤنا كتبوا كتابات وقدموا مبادرات يدعون فيها إلى التعاون والوحدة.

مقدم البرنامج: أي قناة توصلكم لاتجاه الآخر؟

سماحة الشيخ: هنا المشكلة !! حينما يشعر الناس بأنه ليس لديهم فرص أن يتواصلوا مع الآخر، لأن حرية التعبير عن الرأي بالنسبة لهم محدودة، العالم السني أو العالم السلفي لديه حرية أن يعبر عن رأيه في وسائل الإعلام.

 ولكن العالم الشيعي بمقدار ما هناك فرصة فإني وأمثالي من طلبة العلوم الدينية ومن المهتمين بهذا الشأن يبذلون جهوداً طيبة.

مقدم البرنامج: هذا ما سأناقشه معك بعد الفاصل.
جاءني فاكس من الأخ أبو عبد الله..عبدالله..لكن الفاكس لم يكن واضحاً، المهم.. شيخ حسن أنا لست سعيداً، للأمانة..لأن..لم أكن أشأ أن يدخل الحوار في جدلية، دعنا نسميها مهاترة ما بين الشيعة والسنة، لم أشأ أن يكون الحوار بهذا المفهوم، كنت أبحث أن تكون هذه التعددية مفهوم قوة وليس مفهوماً للتفتت، إذا قال الأخ قال كذا وكذا فهذه من وجهة نظري الشخصية سفسطة، ليس لها داعي وليس لها وجود في تعميق الاندماج الوطني والوحدة الوطنية.
- سيدي الكريم..هناك من يتخوف من الأمريكان أن يستخدموا هذا الخلل البسيط في التفاصيل ما بين السنة والشيعة لأن تكون لهم قدم عنيفة في المنطقة، وأيضاً لو لاحظت التقرير عن الخارجية الأمريكية الذي صدر مؤخراً، كان إشارة أو يشير إلى حرية الأديان، لكن بشكل أو بآخر كان يشير إلى الطائفة الشيعية، موقفكم من هذا الطرح مؤخرا !ً.


سماحة الشيخ: هذا هو السؤال المهم..ما يجب أن ننشغل به ليس الحديث عن الماضي ولا الكلام عن المهاترات، ماذا نصنع مع واقعية هذا الاختلاف الموجود؟

سواء نظرنا إلى أن هذا التعدد حسن أو غير حسن، لكنه واقع موجود، لا نستطيع إلغاءه، ولا نستطيع التنكر له، كيف نخفف من سلبيات هذا الواقع عند من يرى أنه واقع سلبي؟ وكيف نستثمر هذا الواقع عند من يرى أنه مصدر إثراء وقوة؟.
أنا أعتقد أن الآخرين من أمريكان وغيرهم لهم مطامع، ولهم مصالح، وهذا أمر طبيعي عند كل القوى الموجودة وكل الدول، وهم يحاولون أن يخدموا مطامعهم ومصالحهم بكل سبيل، والأمة الإسلامية ـ الآن ـ تعيش وضعاً خطيراً حساساً، نرى ما يحصل في فلسطين ونرى ما يحصل في العراق، ونرى ما حصل في أفغانستان، لذلك من الطبيعي أن يفكر الآخرون في أن ينفذوا من أي ثغرة يجدونها في بلادنا وفي كل بلدان المسلمين، وخاصة بلادنا.. فهي مستهدفة لأسباب معروفة وواضحة، لما تمثله من ثقل في العالم الإسلامي، وعلى المستوى الدولي.

مقدم البرنامج: فما هو دوركم؟

سماحة الشيخ: دورنا جميعاً..المسؤولية لا تلقى على طرف واحد، المسؤولية مسؤولية مشتركة للجميع، أولاً: الواعون والعقلاء من الشيعة والمواطنون الشيعة أعلنوا رأيهم بكل صراحة في هذا الأمر، أعلنوا ولائهم لوطنهم، أعلنوا ولائهم لدينهم، في كل المناسبات والتحديات التي مرت على هذا الوطن، لو قرأنا تاريخ المواطنين الشيعة منذ قيام هذا الكيان، كانوا من أول المبادرين للدخول إلى هذا الكيان الشامخ، الكيان السعودي، دون حرب ودون ممانعة، بل هم دعوا الملك عبد العزيز لكي يأتي إليهم، ولكي يسلموا إليه زمام أمورهم، وكانت منطقتهم منطقة ثرية، فوظفوا كل إمكانات منطقتهم في خدمة هذا الكيان، وحينما تدفق النفط في المنطقة الشرقية على أكتافهم وسواعدهم بالتعاون مع بقية أبناء الوطن، لكن النسبة الأكبر كانوا أبناء المنطقة، هم الذين قامت على أكتافهم شركة أرامكو، وقامت الصناعات النفطية، وهذا واجبهم الوطني وفي كل التحديات كان موقفهم واضحاً وصريحاً في هذا السياق، المطلوب أمران:
 - الأمر الأول: إيقاف التعبئة والتحريض من الطرفين من السنة والشيعة، إلى متى نستمر؟! الشيعي يعبأ جمهوره والسني يعبأ جمهوره، أقصد المتطرفين، ينبغي أن تجرم أساليب التعبئة والتحريض على الكراهية، صدور فتاوى ضد الشيعة أو صدور سب من بعض المتطرفين الشيعة ضد بعض رموز السنة من الطرفين، يجب أن يجرم هذا الأمر.

مقدم البرنامج:  لماذا لا تبادروا أنتم في هذا الشيء..؟

سماحة الشيخ: نعم..حصلت هذه المبادرة، ونحن نطلب أن تُعمم من الناحية الرسمية، أن يأتي شخص وفي الجريدة يتحدث، ويخرج الشيعة من دائرة الإسلام ويمر كلامه مرور الكرام ولا يُعترض عليه! هذه تعبئة مرفوضة.
 أن يتحدث داعية إسلامي في قناة مشهورة ويقول أننا نكفر الشيعة الذين يقولون بأن الرسالة كانت لعلي ابن أبي طالب وبالخطأ ذهبت إلى رسول الله، عن أي شيعة يتحدث هذا الداعية؟.

مقدم البرنامج: عن أولئك الذين يقولون هذا القول؟

سماحة الشيخ: ليس هناك من يقول هذا القول..أتحدى أن يثبت أن هذا الكلام موجود في كتاب من كتب الشيعة، أو قال به شخص من أشخاص الشيعة.

مقدم البرنامج:  ولو كان متطرفاً.

سماحة الشيخ: ولو كان متطرفاً.

مقدم البرنامج: قبل قليل قلت أن هناك متطرفين؟

سماحة الشيخ:  يتطرفون في الإساءة إلى بعض الرموز والصحابة، أما يتطرفون في الإساءة إلى رسول الله لا يوجد شيعي هكذا !!

مقدم البرنامج:  ومن يتطرف في سب رموز إسلامية من الصحابة؟

سماحة الشيخ: هذا أقول..متطرفون ويجب أن نقف أمامهم..
لكن أن يأتي داعية وهو يتحدث عن فقه الواقع ويقول الشيعة الذين يقولون أن الرسالة نزلت إلى علي، من هم هؤلاء الشيعة؟!! هذه تعبئة وتحريض،
فليقل لنا الشيعة في البلد الفلاني، في الكتاب الفلاني، قاله الشخص الفلاني، أما أن يقول الكلام هكذا ويعبئ جمهوره بهذا الكلام.

مقدم البرنامج: ألا تعتقد..أنكم تتحدثون في وادي وأنهم في وادي؟

سماحة الشيخ: نعم..نحن نستمع إليهم، قد يكون هم لا يستمعون إلينا.

مقدم البرنامج:  ولماذا لا تذهبوا ليستمعوا إليكم؟

سماحة الشيخ: نحن نذهب.يعني الآن في هذه الفرصة، وبعد الحوار الوطني أتيحت الفرصة لكي نذهب ونتواصل وبمقدار ما تكون الفرصة متاحة، في بعض الأحيان لا تكون الفرصة متاحة، هناك بعض المشايخ نتواصل معهم ولكنهم هم لا يريدون التواصل معنا، مع ذلك أنا لا أريد أن ينحو حديثنا بهذا المنحى، أنا أقول:
- أولا:ً أن يكون هناك إيقاف للتعبئة من كل الأطراف.
-  وثانياً: توفير أجواء التواصل والحوار.
وهنا الدولة تتحمل مسؤولية كبيرة، ومبادرة سمو ولي العهد كانت مبادرة رائعة، ولكن هذه المبادرة في اللقاء الأول واللقاء الثاني ناقشت هذه المواضيع، الوحدة الوطنية، وضد الغلو والتطرف، ولكنها من المؤتمر الثالث والمؤتمر الرابع، ـ وهذه وجهة نظري ـ أخذت تناقش قضايا يمكن أن تناقش في منتديات ثقافية، الحوار الوطني نريده أن يناقش العلاقة بين هذه الأطياف، وأن يخرج بآراء تأخذ طريقها للتنفيذ والتطبيق.

مقدم البرنامج:  ما هي الآلية؟

سماحة الشيخ: الآلية سبق الحديث عنها في مؤتمر الحوار الوطني الأول والثاني أن تكون هناك لجنة، يعني هذا اقتراح طرحته وقدمته، أن تكون هناك لجنة أو أشخاص يُختارون من كل الأطياف، ويجلسون مع بعضهم البعض ويضعون سبل ومقترحات يقدمونها للدولة، لتصليب الوحدة الوطنية، وتجاوز هذه المشاكل والدولة أيضاً تقوم بدورها في تنفيذ ما تراه مناسباً من التوصيات.

مقدم البرنامج: ماذا يقف حيال هذه الآلية؟

سماحة الشيخ: طبعاً المسؤول لعله يرى أشياءً نحن لا نراها، أنا كمواطن من موقعي أقترح، ولكنَّ المسؤول الذي في موقع القرار يرى مساحة أوسع ويرى أموراً أخرى قد لا أعرفها أنا شخصياً، ولكن هذا لا يمنعني عن تكرار الطرح، وعن تكرار الطلب، أنا أدعو أن يكون هناك توجه جاد للقاءات جادة بين العلماء من مختلف الأطياف وبين المفكرين، وليس العلماء فقط، لا نترك المسألة فقط على كاهل العلماء.

مقدم البرنامج: هناك كانت مبادرة من الدكتور عوض القرني الذي صادفتموه في منطقتكم.
 لماذا أيضاً لا تكون مبادرة أيضاً منكم للجلوس للأخوة السنة؟

سماحة الشيخ: نحن دعونا الدكتور عوض، واستضفناه، وأنا على أتم الاستعداد أن أُدعى في أي منطقة.

مقدم البرنامج: هل تنتظر دعوة؟

سماحة الشيخ: وإلا كيف؟.

حتى تكون هناك فرصة، يعني أنا قد أزور شخصاً في بيته هذا أصنعه، أما أن ألتقي مع مجموعة، مع جمهور هذا يحتاج إلى تهيئة، كيف أنا أستطيع أن ألتقي مع جمهور في القصيم؟ أذهب إلى المسجد وأدخل عليهم؟

مقدم البرنامج:  لا.لا..هناك أيضا رموز موجودين في القصيم أمثال الدكتور سلمان العودة علاقتكم على حسب ما شاهدنا أنها علاقة طيبة بينك وبين سلمان العودة، باتصال هاتفي مع سلمان العودة، أنا يا سيدي الكريم.. جئت عندكم في القصيم لأتحدث إليكم هل يمنع؟

سماحة الشيخ: لا يمنع هذا..اللقاء الشخصي لا يمنع، ولكن تهيئة أجواء للقاء يتجاوز الشخص.جلسنا كأشخاص جلسنا مع بعض، وبصراحة أقول: وجدت أن هناك - عند بعض الدعاة والعلماء- تهيباً من جمهورهم، وقالوه لي بصراحة قالوا: إن الأجواء عندنا بعد غير مهيأة، ويجب أن نتدرج.

مقدم البرنامج: هل تعتقد أن العلماء يخشون هذا؟

سماحة الشيخ: أنا لا أقول كلهم، البعض منهم صارحني بأنه يخشى، وصارحني بأن الأجواء عنده لم تهيأ بعد، ورأيت من بعضهم أنه في الغرفة يقول لي كلاماً إيجابياً، ولكنه في القناة الفضائية وعلى الملأ، يقول كلاماً أقل إيجابية، أو قد يكون سلبياً ! لماذا؟ يقول: مراعاة للوضع وللأجواء العامة، أنا لا أريد أن أتكلم عن الآخرين، وبالنسبة لي شخصياً أنا مستعد، وجمهوري أيضاً في المنطقة الشرقية، الجمهور الشيعي ليس جمهوري كشخص، ليس هناك ما يحول دون مجيء أحد العلماء أي أحد من الدعاة، وأن يأتي ويتكلم، بل نحن ندعوهم ونُلح عليهم في الدعوة، ولكن بالنسبة لهم هم أعرف بظروفهم، لحد الآن هم يقولون الأجواء لا تزال بحاجة إلى تهيئة، هم أعرف بظروفهم.

أنا أجدد الدعوة من خلال هذا البرنامج الكريم إلى أننا ينبغي أن نرتقي بمستوى من هم حولنا، ولا نخضع إلى المستوى الذي حولنا ويحيط بنا، إن كان فيه شيء من الإسفاف، أو شيء من الانخفاض، ونأمل أن يدعم المسؤولون هذا التوجه حتى نقف صفاً واحداً، وحتى نمنع مثل هذه الفرص على الأعداء، فأنا من هذا البرنامج مرة أخرى أقدم الدعوة، ومرة أخرى أطلب وألح في هذا الطلب، لأني أشعر بأن الظروف التي يمر بها الوطن وتمر بها الأمة - كما نرى ونلاحظ ونشاهد-  تستدعي منا الاستنفار وحالة الطوارئ، أما أن ننتظر ونتريث ونتدرج، الآخرون لا ينتظرون!

مقدم البرنامج: أي تدرج ألف وأربعمائة سنه، أي نتدرج بعد ألف وأربعمائة وخمسة وعشرين سنة أيضاً؟

 أنا أقول: لدينا دين ولدينا وطن، إذا اختلفنا في خمسة في المائة، كما تفضل الدكتور عمر في الاختلاف وخمسة وتسعين متفقين، يعني نتمسك بالخمسة في المائة في الاختلاف وينهار الوطن - لا سمح الله -يقول لك أنه يختلف معك في الأصول ولذلك لا نريد الحديث معهم.
يا سيدي الكريم هناك وطن، لماذا لا تكون هذه الرؤية أيضاً عند الأخوة الشيعة؟ لماذا لا تكون هي الرؤية الأقوى؟ ليست فقط مناداة، ليست فقط شعار يردد لديكم، إنما ممارسة كما تفضلت أن مفهوم الوطنية تأتي من شعور ومن جانب قانوني وجانب سلوكي السلوك أيضاً.

سماحة الشيخ: نعم..أخي الكريم..لا يغيب عنك، أن الشيعة ليسوا هم في موقع التأثير، وليسوا هم في موقع القرار، موقع التأثير وموقع القرار ليس بيدهم.هم ليست لديهم مؤسسات رسمية تمثلهم، ليست لديهم أجهزة ثقافية وإعلامية ودينية تمكنهم من أن يقوموا بمبادرات من هذا القبيل.

مقدم البرنامج: الإعلام متاح شيخ حسن !

سماحة الشيخ: ليس متاحاً إلا بمقدار معين.

مقدم البرنامج: أنت الآن في برنامج إعلامي تتحدث بكامل الحرية!

سماحة الشيخ: جزاك الله خيراً، وأنا أشكرك عليه، بمقدار ما أتيحت لي هذه الفرصة، أنا أتحدث على هذا الصعيد، ولكن أقول أنت تطالب الشيعة،
 وأنا نفس الشيء،أشعر بأننا جميعاً مسؤولون، كل إنسان بمقدار إمكاناته وقدراته.

مقدم البرنامج: هل أنت راضي عن الدور الشيعي؟

سماحة الشيخ: أنا أتطلع إلى دوراً أكبر الدور الشيعي في حدود الإمكانات والظروف المتاحة لهم، أراه دوراً طيباً، ولكن أرجو أن تتاح لهم فرص أكبر لكي يمارسوا دوراً أوسع،  إن شاء الله.

مقدم البرنامج: سيدي الكريم..أنا أتمنى أن يكون بالقدر التي تواجهونه أيضاً أن تكون لديكم القدرة أيضاً في زيادة هذا الدور، أنتم وطنيون وأنتم مسؤولون عن بلدكم، وأنا رجل سني وأتحدث إليك كرجل شيعي، أنا مطالب بالدفاع عن وطني وأنت مطالب بالدفاع عن وطنك بنفس المستوى لا تزيد عني شعرة ولا أزيد عنك شعرة.

سماحة الشيخ: يجب أن يكون تساوي في الحقوق والواجبات وأمامك كتيب كتبته طرح مبادرة نحو علاقة أفضل بين السلفيين والشيعة.
وهذا الطرح  أنتظر جواباً عليه، ونشرت قسماً منه في بعض الجرائد كجريدة الشرق الأوسط وانتظرت رداً وانتظرت جواباً، وحتى أن أحد الكتاب كتب في الشرق الأوسط بعد مقالي هذا أنني أريد أن أسمع رأي الطرف الآخر.


مقدم البرنامج: إن شاء الله يا شيخ حسن وانتهى وقت البرنامج.شكراً أستاذ حسن وكل عام وأنتم بخير.

7/10/1425هـ 20 نوفمبر 2004م