المرأة بين دورها العائلي ومسؤوليتها الاجتماعية

 

روى مسلم في صحيحه بسنده عن عائشة عن فاطمة الزهراء عن رسول الله أنه قال لها: «يَا فَاطِمَةُ أَمَا تَرْضِيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ»[1] .

حين يتحدث رسول الله عن فضل ومكانة ابنته فاطمة الزهراء بأحاديث متعددة، وعلى مسمع من أمته وأصحابه، فإنه ـ بالتأكيد ـ لا ينطلق من عاطفة أبوية فقط، وإنّما يقرّر حقيقة صادقة، ويستهدف ـ إلى جانبِ إبراز عظمة الزهراء ـ تقديمها نموذجًا وقدوة لِنساء الأُمة وللبشرية جمعاء.

فالاقتداء والتأسي هو الجانب المهم، وهو المنهج الإلهي في الحديث عن سير الأنبياء والأولياء، كما نرى ذلك في القرآن الكريم جليًّا واضحًا، فحين يتحدث القرآن عن سير الأنبياء، لا يتحدث لمجرد التمجيد والتبجيل، أو سرد القصص التاريخية، وإنّما يتحدث عنهم من أجل تحفيز الناس للاقتداء بِهم، كما يقول تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ[سورة الأنعام، الآية: 90].

يقدمهم قدوات للبشرية، ولذات الغرض يتحدث رسول الله عن فضل ومكانة ابنته فاطمة الزهراء .

في ذكرى ميلادها المبارك نريد أن نقتبس من هدي سيرتها ما ينفعنا في الظروف التي نعيشها، ونبدأ بسؤال مهم:

كيف وَفَّقت سيدتنا فاطمة الزهراء بين دورها العائلي ومسؤوليتها الرسالية الاجتماعية؟

قامت الزهراء بدورها العائلي خيرَ قيام، وعلى أكمل وجه، في علاقتها مع زوجها، وتربية أبنائها، ويكفي أنها قدمت للبشرية أفضل النماذج في التربية، الحسنين وزينب وأم كلثوم، هذا نتاج تربية الزهراء ، وعن قيامها بخدمات عائلتها ومنزلها، رُوِيَ‌ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي سَعْدٍ: أَ لَا أُحَدِّثُكَ عَنِّي وَعَنْ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ؟

«أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدِي، فَاسْتَقَتْ بِالْقِرْبَةِ حَتَّى أَثَّرَ فِي صَدْرِهَا، وَطَحَنَتْ بِالرَّحَى حَتَّى مَجِلَتْ يَدَاهَا، وَكَسَحَتِ الْبَيْتَ حَتَّى اغْبَرَّتْ ثِيَابُهَا، وَأَوْقَدَتْ تَحْتَ الْقِدْرِ حَتَّى دَكِنَتْ ثِيَابُهَا»[2] .

فعلى صعيد الدور العائلي لم تقصّر فاطمة الزهراء، بل قامت بدورِها خيرَ قيام، وإلى جانب هذا الدور كان لها دورٌ رسالي اجتماعي، منذ صِغرِ سنها كانت تتحسس مسؤوليتها تجاه أبيها، وتشير الروايات التاريخية أنها كانت تخرج مع أبيها إلى البيت الحرام، فتساعده في مواجهة أذى قريش، فقد كانوا يؤذون رسول الله فيضعون السّلا وأوساخ الذبيحة على ظهرهِ أثناء سجوده، فكانت الزهراء تُزيل ما يضعهُ العتاة المجرمون عن ظهر أبيها وتواسيه في محنته، حتى كنيت بـ «اُمُّ أَبِيهَا»[3] .

واستمرت في دورها الرسالي إلى أن هاجرت إلى المدينة، فوقفت مع أبيها وشاركت في بعض المعارك كغزوة أُحد، حيث كانت تقوم بدور في مداواة جروح رسول الله .

كما تتحدث الروايات عن دورها وشفقتها على الفقراء والمساكين والمحتاجين، كما ورد في أسباب نزول قوله تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا، ثم استمرت في هذه الأدوار الاجتماعية بعد وفاة أبيها، فقد وقفت إلى جانب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، ودافعت عن حقّه في الخلافة كما دافعت عن حَقِّها في إرثِها من أبيها، وَذَهَبت إلى المسجد وخَطَبت خُطبتها المعروفة، وكان لها أدوارها التي يتحدث عنها التاريخ وتتحدث عنها الروايات.

إذًا، نحن أمام امرأة تقوم بدورها العائلي خيرَ قيام، وفي الوقت نفسه تتحمل مسؤوليتها الرسالية تجاه أُمتها ومجتمعها، وهذا هو موضع الدرس والعبرة الذي نُريد الإضاءة عليه.

دور المرأة العائلي

معظم النساء في مجتمعاتنا يقمنَ بأدوارهن العائلية المنزلية، من تربية الأبناء وإدارة المنزل وأداء الوظيفة الزوجية، وهو دورٌ إنسانيٌ عظيم لا يُستهان به.

البعض يُشيد بدور المرأة خارج المنزل فيستهين بدورِها العائلي، وكأنَّ هذا الدور لا قيمة له!

وهو رأي مخالف للنصوص والتوجيهات الدينية، التي تؤكد أنّ للمرأة فيه أجرًا وثوابًا عظيمًا، وعلى الرجل أن يقدّر لزوجته قيامها بهذا الدور.

الحكم الشرعي

من الناحيةِ الشرعية فإنّ أعمال المنزل ليست واجبة على المرأة، إنّما هي أمور مستحبة، بل يرى الفقهاء أنّ الإنجاب ليس واجبًا على المرأة، وإنّما هو راجع إلى رِضاها ورغبتها، كما أنّ تربية الأبناء وتنشئتُهم ليس واجبًا أيضًا، فهي من واجبات الأب، ويحقُّ للمرأة أن تطلب الأُجرة على إرضاع ولدها.

يقول الله تعالى: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ[سورة الطلاق، الآية: 6].

وفي الرسالة العملية للمرجع السيد السيستاني نقرأ المسألة التالية: لا يستحقّ الزوج على الزوجة خدمة البيت وحوائجه التي لا تتعلق بالاِستمتاع، من الكنس أو الخياطة أو الطبخ أو تنظيف الملابس أو غير ذلك، حتى سقي الماء وتمهيد الفراش، وإن كان يستحب لها أن تقوم بذلك[4] .

هذا الحكم قد لا يعجب الرجال، ويتمنون عدم معرفة النساء به، لكن المرأة لديها دافع وجداني إنساني للقيام بهذا الدور، ولها أجرُ وثوابٌ كبيرٌ عند الله سُبحانه وتعالى.

عن أم سلمة عن رسول الله : «أيُّمَا امرَأَةٍ رَفَعَتْ مِن بَيْتِ زَوجِها شَيئًا مِنْ مَوضِعٍ إلى مَوضِعٍ تُريدُ بِهِ صَلاحَاً، نَظَرَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ إلَيها، ومَنْ نَظَرَ اللُه إلَيهِ لَمْ يُعَذِّبْهُ»[5] .

مجرّد أن ترفع حاجة في بيت الزوج، ينظرُ الله إليها ويدفعُ عنها العذاب يومَ القيامة.

وفي روايةٍ أخرى عن رسول الله «جِهَادُ الْمَرْأَةِ حُسْنُ التَبَعُّلِ لِزَوْجِهَا»[6] ، وعن علي : «وجِهَادُ الْمَرْأَةِ حُسْنُ التَّبَعُّلِ»[7] .

ومع ضخامة هذا الدور العائلي وأهميته، هل يطلب من المرأة القيام بدور اجتماعي؟ أم يكفيها ما تقومُ به من دور عائلي؟

دور المرأة الاجتماعي

المرأة عضوٌ في المجتمع ويجب أن تكون شريكة في إدارة المجتمع وتحمل شؤونه، وكونها تقوم بأعمالها المنزلية تفضلًا منها، لا يلغي دورها الاجتماعي؛ لأنّها شريكة الرجل في تحمل المسؤولية، فليس صحيحًا ما قد يتصورهُ البعض من أنّ المرأة لا دور لها خارج المنزل، وأنّ ذلك خاص بالرجل، فلا مجال للمرأة في إدارة الشأن العام الاجتماعي، هذا تفكيرٌ من وحي العادات والأعراف والحالة الذكورية السائدة في المجتمع، أما من الناحية الشرعية والعقلية فالمرأة شريك الرجل في تحمل المسؤولية الاجتماعية، يقول الله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ[سورة التوبة، الآية: 71].

والأوامر الإلهية والتعاليم الدينية في الدعوة إلى الخير لا تختص بالرجال، كلّ التعاليم والأوامر الدينية الشرعية موجهة للرجل والمرأة إلا ما استثني، إلا ما كان خاصًّا بالرجل أو المرأة، فالأصل العموم والإطلاق.

وتنقل رواية جميلة عن أم المؤمنين أم سلمة (رضي الله عنها)، قَالَتْ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ، فَقُلْتُ لِلْجَارِيَةِ: اسْتَأْخِرِي عَنِّي (أي أمهليني حتى أسمع)، قَالَتْ: إِنَّمَا دَعَا الرِّجَالَ وَلَمْ يَدْعُ النِّسَاءَ، فَقُلْتُ: إِنِّي مِنَ النَّاسِ»[8] .

كما أنّ للمرأة طاقات وكفاءات، لا يصحُ تجاهلها أو تجميدُها.

إنّ المجتمعات خاصة في حالة النمو والتقدم تحتاج إلى كلّ الجهود والطاقات، والمرأة نصف المجتمع، فإذا جمّدنا دورها الاجتماعي فقد خسرنا نصف طاقة المجتمع، من هنا ينبغي أن يكون للمرأة دور اجتماعي، وأن تتحمل مسؤوليتها الاجتماعية.

المرأة في مجتمعنا والمجتمعات الأخرى

حين نتأمل واقعنا اليوم نرى أنّ دور المرأة الاجتماعي محدود، رغم أنها حصلت على نصيب وافر من العلم والتعليم، وانفتحت أمامها آفاق الوظيفة، وأصبح لها دخل اقتصادي، وتثقفت واطّلعت على الشأن العام، وبإمكانها أن تقوم بدور كبير في مجتمعها، ونحن نرى في المجتمعات الأخرى كيف أنّ للنساء دورًا متصاعدًا، ليس على مستوى مجتمعاتهنّ فقط، وإنّما على المستوى العالمي.

ومن يتابع الأخبار يوميًّا يلاحظ دور المرأة في مختلف المجالات، استمعت اليوم إلى تقريرين أخباريين، أحدهما عن مخيم للاجئين السوريين في لبنان، حيث ذهبت امرأة إلى المخيم ضمن منظمة عالمية للإغاثة وكانت تتحدث عن أوضاع المخيم، وتقرير آخر عن مسلمي الروهنجا الذين طُردوا من ديارهم ـ ميانمار ـ ولجأوا إلى بنغلادش، وكانت هناك امرأة تُمثل المنظمة العالمية الإغاثية في مخيماتهم.

أسباب محدودية دور المرأة في مجتمعنا المحلي

أولًا: إعاقة بعض القوانين والأنظمة.

ثانيًا: التقاليد والأعراف الاجتماعية.

ثالثًا: صعوبة التوفيق بين الدور العائلي والنشاط الاجتماعي.

وهو ما نريد معالجته وتركيز البحث حوله، في مجتمعنا المحلي (محافظة القطيف).

الجمعيات النسائية في محافظة القطيف

تتوفر محافظة القطيف على كثافة سكانية عالية، حيث يعيش فيها ما يزيد على ستّ مئة ألف نسمة، ولا يوجد في المحافظة إلّا جمعية نسائية واحدة، هي جمعية العطاء التي تأسست سنة 1429هـ، أي قبل عشر سنوات فقط!

والسؤال: لماذا لا تكون لدينا أكثر من جمعية نسائية، وإذا كانت القوانين لا تساعد، لماذا لا تفتح فروع لهذه الجمعية في مختلف المدن والقرى؟!

أين نساؤنا وبناتنا المتعلمات؟!

بعض الجمعيات الخيرية الرسمية القائمة في المنطقة فيها أقسام نسائية، لكن دور المرأة لا يزالُ محدودًا ضمن هذه الجمعيات الخيرية، وكذلك على صعيد المشاركة في المنتديات الثقافية، كما لا توجد أندية رياضية خاصة بالنساء، مع وجود الحاجة الماسة لذلك!

نعم لدينا عدد من الحوزات الدينية للنساء، ولجان قرآنية تنافس الرجال في هذا المجال، لكننا نريد للمرأة دورًا أكبر في الشأن الاجتماعي.

نأمل أن يكون للمرأة دور في معالجة حالات الفقر، والتوعية والتثقيف لمعالجة الأزمات الاجتماعية، وحالات الفساد والانحراف.

مبادرات نسائية

هناك مبادرات نسائية تستحق الإشادة والدعم، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

مركز إيلاف

وهو مركز لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، في مدينة صفوى، تديره إحدى النساء الفاضلات، هي الأستاذة عالية فريد، وقد أسّست هذا المركز قبل أكثر من عشرين سنة.

زرت هذا المركز مع مجموعة من رجال الأعمال والمهتمين بالشأن الاجتماعي، وهو مركز رائع في مجال عمله، يضم ستين طفلًا من ذوي الاحتياجات الخاصة، وعلى قائمة الانتظار خمسة وعشرين طفلًا، لا توجد لهم مقاعد.

تعمل في المركز ثلاثون امرأة، حيث يستفاد من إمكانات المرأة وعاطفتها في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، فهي أقدر على التعامل معهم، وهي إيجابية تستحق الإشادة، فتوفير الوظائف للنساء أمر مطلوب ومهم للمجتمع.

ومع أنّ خدمات المركز ليست مجانية، إلّا أنه بحدّ ذاتهِ نشاط مهم، يحتاجُ إليهِ المجتمع، نتمنى وجود مثيل له في كلّ مدينة وقرية، ونأمل أن تتصدّى بعض الأخوات الفاضلات للقيام بمثل هذا المشروع الهام.

مسابقة ملكة جمال الأخلاق

بدأت هذه المسابقة منذ أكثر من سبع سنوات، وهي مُبادرة رائدة جميلة، بما تحمل من رؤية وأهداف وبرامج، حيث تشارك المتسابقات في برنامج تأهيلي تربوي، مدة ستة أشهر، تتلقى فيه الكثير من المفاهيم الأخلاقية، والدورات التدريبية، وتختم بتتويج ملكة جمال الأخلاق ووصيفتين.

مثل هذه البرامج، تستحق الثناء والتقدير والدعم من أبناء المجتمع، ونحن ننتظر من نسائنا المزيد من البذل والعطاء في مجال الخدمة الاجتماعية والعمل التطوعي الخيري.

تطوير دور المرأة الاجتماعي

يعتبر دور المرأة في منزِلها دورًا إنسانيًّا مقدرًا عند الله، مشكورًا من قبل الناس، ويمكن للمرأة أن توفق بين دورها في المنزل والدور الاجتماعي المأمول منها.

ولكن كيف نُساعد المرأة حتى توفق بين دورها الاجتماعي والأسري؟

أولًا: على المرأة أن تهتم بتنظيم الوقت ومضاعفة الجهد.

الإنسان ـ رجلًا كان أو امرأة ـ إذا نظم وقته وضاعف جهده فإنه يستطيع القيام بالمزيد من الأعمال والمسؤوليات.

نحن نلاحظ بعض الأشخاص يقوم بعدة مهام وأعمال، وهو في كامل طاقته وحيويته، دون أن يتأفف أو يتبرم، والبعض الآخر يشعر بالتعب والإرهاق وضيق الوقت، وهو لا يتحمل سوى مسؤولية واحدة!!

الفرق بينهما هو في تنظيم الوقت، ومضاعفة الجهد، والهمة العالية، فالمرأة حين تنظم وقتها، وتضاعف جهدها، يمكنها أن توفق بين دورها العائلي ومسؤوليتها الاجتماعية.

ثانيًا: على الرجل أن يساعد زوجته في الشأن المنزلي والعائلي.

البعض يلقي بشؤون البيت وأعبائه على المرأة، ويتخلى من المسؤولية، بل إنّ بعض الرجال يرون أنّ عمل الرجل في البيت (عيب) غير مناسب لشأنه، وهي ثقافة سائدة في بعض المجتمعات.

والحقيقة أنّ الزواج شراكة إنسانية، فينبغي للرجل أن يعين زوجته في القيام بأعباء المنزل، حتى تتاح لها فرصة المشاركة في تحمل المسؤوليات الاجتماعية.

ثالثًا: على المجتمع أن يساعد المرأة في وجود مؤسسات للخدمات الرديفة.

إنّ وجود دور حضانة للأطفال يساعد المرأة للانطلاق في الحياة، والقيام بأدوار متعددة.

وقد رأيت في المراكز الإسلامية في أمريكا وأروبا أقسامًا للحضانة، بل حتى بعض المساجد توجد فيها حضانة، تمكن المرأة من دخول المسجد والصلاة وهي مطمئنة على طفلها.

المجالس النسائية

تهتم النساء في مجتمعاتنا بالمجالس والمأتم الحسينية، وهناك إلى جانب الحسينيات كثير من البيوت ـ ولله الحمد ـ تعقد المجالس لمختلف المناسبات، فلا يوجد حي من أحياء مجتمعنا إلّا وفيه عشرات المجالس النسائية، وهي نوع من تأكيد وتعزيز الحالة الدينية، كما أنّ لها دورًا اجتماعيًّا ونفسيًّا، فكثير من هؤلاء النسوة إما كبيرات، أو متقاعدات، أو تعيش حالة فراغ، تجد في هذه المجالس فائدة نفسية واجتماعية، إضافة إلى ما تأملنه من الأجر والثواب بأحياء مناسبات أهل البيت ، فهو أمرٌ طيب، ولكن علينا أن نذكّر بأمرين:

أولًا: تطوير المواضيع التي تطرح في هذه المجالس

مع وجود الوعي وتطور الثقافة والمعرفة، لا ينبغي الاسترسال والاستمرار في قراءة الروايات القديمة التي لا أصل لها، فبعضها مجرد أساطير وخرافات، ينبغي تجاوزها.

بالطبع هناك روايات صحيحة وأحاديث مفيدة في هذه المجالس، لكننا مع انتشار العلم والمعرفة غير معذورين أمام الله إن لم نتخلص من الأساطير البالية التي لا أصل لها.

ثانيًا: الاهتمام بالخدمات والحاجات الاجتماعية

يتم الصرف والبذل الكثير على هذه المجالس من الإطعام والهدايا، مما يدعو للتذكير بضرورة الاهتمام بالفقراء والمحتاجين، ولو أنّ كلّ مجلس من هذه المجالس يجمع تبرعات للجمعية الخيرية، ويستثير همة النساء الحاضرات للأيتام والفقراء، والتضامن مع النساء المريضات لزيارتهنّ في المستشفيات، ومعالجة المشاكل العائلية والأسرية، لرأينا النتائج الإيجابية الكثيرة من بركات هذه المجالس في خدمة الأهداف والقضايا الاجتماعية.

* خطبة الجمعة بتاريخ 21 جمادي الآخرة 1439هـ الموافق 9 مارس 2018م.
[1]  صحيح مسلم، كتاب فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ فَضَائِلِ فَاطِمَةَ بِنْتِ النَّبِيِّ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، ح 4614.
[2]  الشيخ الصدوق: من لا يحضره الفقيه، ج1، ص320، ح947.
[3]  ابن حجر العسقلاني: الإصابة في تمييز الصحابة، ج8، ص262. ومقاتل الطالبيين، ص29، في ذكر مقتل الإمام الحسن .
[4]  منهاج الصالحين الجزء الثالث مسألة رقم340.
[5]  الأمالي للصدوق: ص 496 ح 678.
[6]  الأصبهاني: دلائل النبوة، ص76.
[7]  نهج البلاغة، حكمة: 136.
[8]  صحيح مسلم، كتاب الْفَضَائِلِ، بَابُ إِثْبَاتِ حَوْضِ نَبِيِّنَا وَصِفَاتِهِ، ح 4369.