تقديم لكتاب مقالات في الثقافة والاجتماع

الكتاب: مقالات في الثقافة والاجتماع

المؤلف: صادق راضي العلي

الطبعة: الأولى 1432 -2011

بسم الله الرحمن الرحيم

مجالات المشاركة في الشأن العام وصناعة المستقبل مفتوحة أمام جيل الشباب في المجتمعات المتقدمة، في مختلف ميادين الحياة، وما على الشاب هناك إلا أن يختار طريقه ويحدّد توجهاته.

فإن كان له طموح علمي فإن أبواب الجامعات مشرعة أمامه، ومراكز الأبحاث ترحب به، وبراءات الاختراع تنتظر إبداعاته وابتكاراته، والشركات والمؤسسات تتنافس على جذبه.

وإن كان له تطلع اقتصادي فإن الأنظمة والقوانين تخدمه، والفرص متاحة له بحدود جده واجتهاده.

وإذا كانت له ميول سياسية واجتماعية فهناك أحزاب ومنظمات بإمكانه أن ينتمي إليها، لصقل شخصيته وتنمية قدراته القيادية، وإثراء تجربته العملية.

ويمكن له أن يتدرج ويتقدم في مسار العمل السياسي ليصل إلى أعلى مواقع السلطة والقرار.

وحين تكون للشاب اهتمامات ثقافية فكرية، فإن آفاق النشاط المعرفي رحبة واسعة، لا تحدها قيود ولا حدود.

لهذا كله يبدع الشباب في تلك المجتمعات، ويحققون الانجازات، وتتواصل مسيرة التقدم والتطور في تلك البلدان.

أما في مجتمعات العالم الثالث فإن طريق الشباب للحياة تزدحم فيه العوائق والعقبات، بدءاً من تعسّر فرص التعليم الجامعي، في كثير من الأحيان، ومروراً بصعوبات الحصول على مجال العمل والكسب، وانتهاءً بمخاطر التدخل في الشأن السياسي.

وعلى الصعيد الاجتماعي لا تزال الثقافة السائدة تفضي إلى تهميش الشباب، وتحول بينهم وبين أخذ دور المبادرة والتأثير في الشأن العام. فهم لا يزالون صغاراً مراهقين طائشين في نظر الكبار المهيمنين المسيطرين.

وحتى على الصعيد العائلي يعاني بعض الشباب من القهر ومصادرة الحرية في خصوصيات حياته، كاختيار الزوج، أو تبني بعض الأفكار والقناعات.

إن واقع الحصار والتهميش الذي يعيشه الشباب في مجتمعاتنا، هو المسؤول عن وأد كفاءاتهم ومواهبهم، وهو ما يزرع في نفوسهم الإحباط واليأس، فتندفع شريحة منهم نحو المخدرات والإجرام، وشريحة نحو التطرف والعنف.

إن على الحكومات أن تعيد النظر في سياساتها تجاه شعوبها وخاصة شريحة الشباب حتى لا تندفع الأمور نحو الانفجار والدمار.

وعلى قادة المجتمع بذل الاهتمام الجاد لتشجيع الشباب وتحفيز طاقاتهم وقدراتهم، وإزالة العوائق عن طريق مشاركتهم في الحياة العامة، صناعة المستقبل.

ولا بد أن نتوجه للشباب أنفسهم، فنقول لهم: إن عليكم أن تعرفوا قدر أنفسكم، وأهمية المرحلة التي تعيشونها من العمر، وأن لا تستسلموا لظروف التهميش والتجاهل، وانتزعوا دوركم بكفاءاتكم ومبادراتكم.

انفضوا عن إرادتكم غبار الكسل والتواني، واطردوا من نفوسكم داء اليأس والقنوط، واستنفروا طاقاتكم لكسب العلم والمعرفة، وشمروا عن سواعدكم لممارسة الفاعلية والنشاط.

مرحباً بكل شاب يتحسس مسؤوليته في المجتمع، ويبادر للاهتمام بالشأن العام في الوطن.

من هذا المنطلق يسعدني الاستجابة لطلب الأخ العزيز الأستاذ صادق العلي بالتقديم لكتابه الجميل، فقد تعرفت على الأخ صادق منذ سنوات، ووجدت فيه أنموذجاً لشباب الصالح الذي تعقد عليه الآمال، فهو يتدفق حيوية ونشاطا، ويسعى لكسب الثقافة والمعرفة، ويشارك في الفعاليات المختلفة، ويحرص على صحبة العلماء والمثقفين، لقد تربى في أحضان عائلة طيبة تقيم البرامج الدينية، وتستضيف العلماء والخطباء، فترعرع في أجواء الخير والصلاح، والتزم نهج عائلته في خدمة الدين والمجتمع.

وبين يدي القراء الكرام مجموعة من المقالات التي كتبها في مناسبات مختلفة، ونشرها على صفحات الانترنت، وهي تكشف عن اهتماماته الاجتماعي والثقافية، أحب أن يجمعها بين دفتي كتاب يقدمه لأبناء جيله من الشباب، تحفيزاً لهم على الفاعلية والعطاء وعلى المشاركة في الشأن العام. أسال الهت تعالى له التوفيق والاجتهاد في تطوير ذاته، وتنمية كفاءته، وأن يكون من قادة الخير والإصلاح في المجتمع.

والحمد لله رب العالمين.


حسن موسى الصفار

15 صفر 1432هـ

19 يناير 2011م