تقديم لكتاب الأستاذ مهدي جعفر صليل (أسئلة وإجابات)

الشيخ حسن الصفار *

تطلع الإنسان للعلم والمعرفة، وبحثه عن الحق والصواب، هو الباعث الأساس لانبثاق الأسئلة في ذهنه.

كما أن حالة المواجهة والصراع في أعماق نفس الإنسان بين وجدانه وعقله من جهة، وبين شهواته ورغباته من جهة أخرى، كثيراً ما تجعله في موقع الحيرة والتساؤل.

وقد يجد الإنسان نفسه أمام حالة تزاحم وتعارض بين توجهات خيّرة، فكيف يضع سلّم الأولويات؟ وكيف يتبين له الأهم من المهم؟!

وفي جانب الرغبات قد يواجه تدافعاً بين مختلف الميول والانشدادات، فيقف حائراً متسائلاً.

إن انبثاق السؤال في ذهن الإنسان هو نتاج لخاصيته العقلية، ولما منحه الله تعالى من إرادة يمارس بها حرية الاختيار.

والسؤال دلالة يقظة ومؤشر إدراك، وهو يعني شعور الإنسان بالمسؤولية تجاه ما يتساءل عنه ويفكّر فيه.

بينما يؤشر انعدام السؤال إلى خمول في الذهن، واسترسال ساذج مع مجريات أمور الحياة.

إن السؤال يقود الإنسان إلى المعرفة، ويجعله أقرب للصواب، ولذلك جاءت النصوص الدينية الكثيرة تحفّز الإنسان للتفكير والتساؤل، وتدفعه لسؤال العلماء والمتخصصين في كل مجال من المجالات.

يقول تعالى: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ وقد تكرر هذا النص مرتين في القرآن الكريم في سورة النحل آية 43 وفي سورة الأنبياء آية 7.

وورد عن رسول الله أنه قال: (السؤال نصف العلم) .

ومن أجل أن يكون السؤال ثقافة مجتمعية ورد عنه أنه قال: (العلم خزائن ومفاتيحه السؤال فاسألوا رحمكم الله فإنه يؤجر أربعة: السائل، والمتكلم ـ أي المجيب ـ، والمستمع، والمحب لهم) .

وجاء عن أمير المؤمنين علي: (القلوب أقفال ومفاتيحها السؤال) .

وعنه: (سل عما لا بد لك من علمه ولا تعذر في جهله) . 

وفي هذا العصر تيسّرت الأمور، وتهيأت الأسباب، وتوفرت وسائل المعرفة، وبإمكان أي إنسان أن يتواصل مع مختلف العلماء والمتخصصين في شتى مجالات العلم والحياة.

فلا عذر لإنسان في التقاعس عن كسب المعرفة، أو البقاء في حيرة الجهل.

وعلى الصعيد الديني فقد انبرى عدد كبير من العلماء للتصدي لاستقبال الأسئلة التي ترتبط بالأمور الشرعية، وذلك عبر وسائل الاتصال الحديثة، ومن أبرزها افتتاح مواقع التواصل على شبكة الانترنت.

ولأن الله تعالى قد شرفني بالانتماء إلى سلك طلبة العلوم الدينية، رأيت من واجبي أن أسهم في نشر العلم والمعرفة بمقدار حصيلتي المتواضعة وجهدي المحدود. فأنشأت موقعاً على شبكة الانترنت بمساعدة بعض الإخوة الأعزاء حيث تم افتتاحه سنة 1999م

وصارت تردني على بريد الموقع الالكتروني كثير من الرسائل التي تحمل مختلف الأسئلة والاستفسارات بعضها يتعلق بمسائل دينية، وأخرى تعرض مشاكل اجتماعية.

وكنت استفيد من ورود تلك الأسئلة في رصد بعض المشاكل الدينية والاجتماعية، كما كانت بعض الأسئلة باعثاً لي للبحث والمراجعة من أجل إعداد الإجابة المناسبة.

ولكثرة الرسائل الواردة، مع انشغالاتي المختلفة، طلبت من الأخ العزيز الفاضل الأستاذ مهدي جعفر صليل مساعدتي في القيام بهذه المهمة، لثقتي بقدراته واستقامته وإخلاصه. فكان لي نعم المساعد والمعين، جزاه الله خير الجزاء، وأجزل له الأجر والعطاء.

والكتاب الذي بين يدي القارئ الكريم، يضم مجموعة مختارة من تلكم الأسئلة والإجابات، أرجو أن يكون في نشرها نفع وفائدة للقراء الكرام.

وفي الختام أجدد شكري للأخ الأستاذ مهدي صليل لقيامه بإعداد هذا الكتاب، ولخدماته المتواصلة للدين والمجتمع، حفظه الله ورعاه، وكثّر في أبناء المجتمع أمثاله.

والحمد لله رب العالمين.

حسن موسى الصفار

20 ربيع الأول 1433هـ

12 فبراير 2012م