تقديم لكتاب «في الطريق إلى الإلفة الإسلامية»

الكتاب: في الطريق إلى الإلفة الإسلامية
المؤلف: عبد الفتاح بن صالح قُديش اليافعي
الناشر: مؤسسة الرسالة ناشرون (دمشق - بيروت)

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد وآله الطاهرين وصحبه الطيبين.

حين أطلق المفكر الأمريكي صامويل هنتنقتون الأستاذ بجامعة هارفارد مقولته التي نشرها في مجلة الشؤون الخارجية الأمريكية في صيف 1993م عن صدام الحضارات، انبرى له عقلاء العالم من مختلف الحضارات، ومن بينهم مفكرون أمريكيون وغربيون، ليردّوا مقولته، وليرفعوا شعار حوار الحضارات، ويدعوا أبناء البشرية للتعارف فيما بينهم، والتعاون من أجل مصلحة الإنسان، وإعمار الأرض.

وكان صوت علماء الإسلام ومفكري المسلمين في طليعة الأصوات الناقدة والرافضة لمقولة صدام الحضارات، انطلاقاً من مبادئ الإسلام الداعية إلى السلم العالمي، والاعتراف بالتنوع في المجتمع الإنساني، على مستوى الأعراق والقبائل والأديان والأفكار، وأن ذلك يجب أن يكون دافعاً إلى التعاون في المشتركات وما يفيد جميع البشر،﴿ تَعَالَوْا إَِلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ، ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وإلى التعارف والحوار بالتي هي أحسن في موارد التمايز والخلاف، ﴿ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا، ﴿وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ.

لكن في الوقت الذي يرفض فيه علماء الإسلام صدام الحضارات، ويفخرون بأن دينهم وقرآنهم قد دعا إلى حوار الحضارات، نجد في داخل الأمة من يبشّر بصدام المذاهب، ويرفض الحوار والتقارب  بين أبناء الأمة التي نص القرآن الكريم على وحدتها، ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً.

إن من المؤلم حقاً أن ترتفع أصوات الداعين إلى الخصام المذهبي، وأن تندلع معارك الاحتراب الطائفي، في أكثر من بلد إسلامي، بينما تواجه الأمة اخطر التحديات والظروف.

من هنا تبرز أهمية هذا البحث الذي خطّته أنامل الأخ الفاضل الشيخ عبدالفتاح بن صالح قُديش اليافعي حفظه الله تعالى. تحت عنوان (في الطريق إلى الإلفة الإسلامية).

إنه بحث علمي نموذجي ينبئ عن إخلاص عميق لوحدة الأمة، ووعي دقيق بمقاصد الشريعة، وأحوال الواقع المعاش.

لقد شعرت بسعادة بالغة وأنا أتابع قراءة صفحات هذا البحث القيّم، وحمدت الله تعالى على وجود مثل هذه الرؤية بين أبناء الأمة، ودعوت للمؤلف بالمزيد من التوفيق في خدمة الإسلام والأمة.

أسأل الله تعالى أن يبارك في هذا الجهد، وأن ينفع به، ليشكل زخماً جديداً دافعاً نحو الإلفة والتقارب، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

حسن بن موسى الصفار                   
القطيف ـ المملكة العربية السعودية            
9 صفر 1430هـ الموافق 4 فبراير2009م